السبت، 26 مايو 2012

أفكار كبيرة لأناس مشغولين! - الجزء الثاني


نستكمل الأفكار الكبيرة ولكن على عُجالة! لهذا المقال جزء سابق يمكنك قراءته من هنا

فكرة كبيرة (5): أين يحدث التغيير المناخى فعليا على كوكبنا ؟

المتحدث : سوزن سُلومون ، أستاذ المناخ و علم الأرض بمعهد ماستشوستس للتقنية



أين يحدث التغير المناخى فعليا على كوكبنا ؟ قد تبدو الإجابة على هذا السؤال غاية فى السهولة و هى "أن التغيرات المناخية يبدو تأثيرها أكثر وضوحا عند أقطاب كوكب الأرض ، و يتلخص هذا التأثير فى الذوبان التدريجى للجليد عند كلا القطبين الشمالى و الجنوبى". و لكن تلك الإجابة ليست بالدقة المطلوبة و لذلك فضلت بروفيسور "سُلومون" الإجابة عن هذا التساؤل بإجراء المزيد من الأبحاث المتأنية متحرية الدقة هذه المرة و جاءت النتائج على عكس التوقعات...تماما!


بدراسة تغيرات المناخ على مدار 127 عاما منذ 1884 و حتى 2011 على الخرائط المناخية لكوكب الأرض، يمكن ملاحظة أن مقدار الزيادة فى درجة الحرارة تختلف من مكان لآخر حول العالم بل أن بعض المناطق لم تبدى أى إرتفاع فى درجات الحرارة على الإطلاق طوال هذه المدة. و لكن النتيجة المؤكدة من خلال دراسة تلك الخرائط أن المنطقة المدارية المحصورة بين مدارى الجدى و السرطان جغرافيا هى الأكثر إرتفاعا فى درجة الحرارة من أى مكان آخر فى العالم و ليس عند الأقطاب كما كنا نعتقد! إن المناطق المدارية أبدت إرتفاعا بمعدل ثابت فى درجة الحرارة بمقدار أجزاء من الدرجة على مدار 127 عام حتى وصلت الآن إلى أرتفاع بمقدار 0.7 درجة مئوية بفعل الأنشطة البشرية المسببة للإحتباس الحرارى و على النقيض تماما نجد المناطق القطبية و المناطق أعلى و أسفل المنطقة المدارية أبدت تغيرات أكثر عشوائية بين إرتفاع تارة و إنخفاض تارة أخرى من ثم فإن النتائج المترتبة على الإحتباس الحرارى لن تشاهد هناك بل فى المناطق المدارية حيث الإرتفاع المتزايد فى درجة الحرارة. و من المثير للدهشة حقا أن معدل إنبعاثات الغازات الدفيئة لكل شخص فى السنة فى الولايات المتحدة يزيد بـ 10 أضعاف عنه كولومبيا ، و يزيد بـ 400 ضعف فى جمهورية الكونجو الديموقراطية، فى الوقت الذى تقع فيه هاتين البلدتين على خطوط المواجهة الأمامية مع الإحترار العالمى على عكس الولايات المتحدة الأمريكية! لكن ماذا عن تأثير هذا إرتفاع الحرارة فى تلك المنطقة على المحاصيل و المياه و الحيوانات و البشر؟ هذا هو السؤال الذى ما زال ينتظر الإجابة.


فكرة كبيرة (6) : الصراع بين الأم و الجنين أثناء الحمل!


المتحدث : دافيد هيج ، أستاذ البيولوجيا بجامعة هارفرد



منذ بدء الخليقة تواجه الأم الحامل و جنينها مخاطر عدة أثناء الولادة، و على مر العصور الكثير من الأمهات توفين و أطفالهن خلال فترة الحمل و أثناء عملية الوضع. فى الحالات الطبيعية تتبع أعضاء الجسم فى عملها نظاما ثابتا لا تحيد عنه ، لكن أثناء الحمل و الولادة يختل هذا النظام كليا و ينقلب رأسا على عقب. و تعود أسباب هذا الإختلال إلى أن جسم الأم ليس هو الوحيد المتصرف فى أثناء فترة الحمل ، لكن ما يحدث الآن هو تفاعل ما بين جسمين مختلفين يحمل كل منهما تركيبة جينية فريدة عن الآخر. و من وجهة نظر البيولوجيا التطورية و التى يتبناها بروفيسور "هيج" ، فإن جسم الجنين يعمل بما يكفل له أن يكون صحيحا و بالمثل يعمل جسم الأم بما يضمن لها أن تبقى على قيد الحياة ، لكن عمل كل منهما يكون فى إتجاه مضاد للآخر و يؤدى ذلك إلى نشوء تعارض فيما بين آلياتهما للبقاء و عندها يلجأ الجنين إلى التصرف بشئ من الطمع و لا يبالى بأى شئ سوى حصوله على الغذاء!

إن الإعتقاد السائد بأن الجنين يمكث غير فعال فى الرحم غير صحيح بالمرة ، لكن فى حقيقة الأمر فإنه يجد طريقه إلى جدار المشيمة فيبث فيها مواد معينة لتحث الأوعية الدموية أن تتوسع و تجلب له المزيد من الدم المحمل بالغذاء. و كنتيجة حتمية أثناء عملية الولادة بعد خروج الجنين و إزالة المشيمة ، تبقى الأوعية الدموية مفتوحة و تدفع بمزيد من الدماء فى الرحم لذلك تموت العديد من الأمهات بسبب النزيف.و فى حالة خاصة تحدث لـ 6% من النساء الحوامل تسمى "تسمم الحمل pre-eclimsia" ، يرتفع ضغط الأم الحامل بشكل خطير و يُعتقد أنه ليس إرتفاعا عرضيا بل مسببا من قبل الجنين الطماع الذى يبث مواد مجهولة فى مجرى دم أمه لترفع ضغط دمها! و هو ما يؤدى بدوره إلى تدفق المزيد من الدم عبر المشيمة محملا بالعناصر الغذائية الضرورية. و بالفعل أثبتت الأبحاث صحة نظرية بروفيسور "هيج"، فقد وُجد إرتفاع غير مبرر فى نسبة بروتين "sFlt1" فى دم الأم مسببا إرتفاع فى ضغط الدم و كما توقع "هيج" تماما ، البروتين ليس مصدره الأم ...و إنما الجنين!

فكرة كبيرة (7): كيف يقوم المخ بالحكم الأخلاقى على الأشياء؟


المتحدث: ليان يونغ ، أستاذ مساعد بعلم النفس ، جامعة بوسطن

كيف يحكم الإنسان على فعل ما إذا كان أخلاقى أم غير أخلاقى؟ لا يوجد إجابة مباشرة على هذا السؤال لأنه يعتمد على المعايير التى تتعبها فى حكمك على الأفعال : فهل أنت تحكم على أفعال الشخص بحسب نيته بغض النظر عن نتيجة أفعاله؟ أم أنك تحكم عليه بناءا على النتيجة النهائية لفعله بغض النظر عن نيته؟ و لذلك قد يبدو فعلا ما من وجهة نظرك أخلاقى و لكنه من وجهة نظر شخص آخر غير أخلاقى. و لأن تلك الأحكام لابد و أن تكون نابعة من مكان ما بالمخ ، قامت د. يونغ بتصوير أدمغة أشخاص تحت الدراسة أثناء قيامهم بإطلاق الأحكام على حالتين من الأفعال: الحالة الأولى هى "قتل غير متعمد": و فيها لم يكن لدى الفاعل نية للقتل و لكنه فى النهاية كان السبب فى موت الضحية عن طريق الخطأ ، أما الحالة الثانية فهى "محاولة قتل متعمد": بمعنى أن الفاعل كانت لديه نية مبيتة للقتل و لكنه لم ينجح فى تحقيق نيته.

بالطبع إختلفت أحكام الأشخاص محل التجربة على هاتين الحالتين بناءا على منظورهم. فإذا كان الشخص يحكم من منظور أن الفاعل يحاسب على نيته و ليس نتيجة فعله، يسجل جهاز التصوير لدى هؤلاء نشاطا زائدا فى منطقة معينة من المخ معروفة بإسم "الفص الصدغى الأيمن". أما الأشخاص الذين قاموا بالحكم على الفاعل بناءا على نتيجه فعله فيبدى هؤلاء نشاطا ضعيفا فى منطقة الفص الصدغى الأيمن عند تصوير الدماغ. و لأن الفص الصدغى الأيمن يبدو أنه يلعب دورا هاما فى مسألة الحكم بناءا على نوايا الأشخاص، فلابد و أن تعطيله سوف يغير من الطريقة التى ينتهجها الشخص للحكم على الأمور ، و بالفعل إستخدمت "يونغ" تقنية "TMS" لتعطيل منطقة الفص الصدغى الأيمن بشكل مؤقت لثوانى معدودة ، و خلال هذه الثوانى يعاد عرض الحالتين على الأشخاص محل التجربة و تكون المفاجأة أن الأشخاص الذين كانوا يحكمون مسبقا بحسب النية صاروا الآن يحكمون بناءا على النتائج النهائية! و بوضع أشخاص مصابون بمرض التوحد تحت الإختبار وُجد أنهم أيضا يحكمون بناءا على النتائج النهائية بغض النظر عن النوايا لذا فمن الواضح أن منطقة الفص الصدغى الأيمن لديهم معطلة تلقائيا. الخبر الجيد فى النهاية أننا بالرغم من عدم علمنا ما يدور فى دماغ الناس إلا أننا نهتم كثيرا بمعرفة ما يدور هناك و لذلك فإن دماغنا مجهز للقيام بتلك المهمة.

فكرة كبيرة (8): العودة إلى المدن فى العصر الرقمى


المتحدث: إدوارد جليسر ، أستاذ الإقتصاد بجامعة هارفرد

فى القرن التاسع عشر كان أغلب سكان الولايات المتحدة الأمريكية يميلون إلى شغل المساحات الفارغة عوضا عن التكدس فى مكان واحد ، لكن منذ بداية القرن الحادى و العشرين نجد المزيد و المزيد ينزحون إلى المدن بالرغم من إكتظاظها سلفا. و لذلك فإن معرفة أن نسبة 50% من سكان العالم يقطنون فى المدن لا تبدو مفاجأة بل و من المتوقع لها الزيادة. تلك الكثافة المتزايدة ترتبط إرتباطا مباشرا بمتوسط دخل الفرد فى تلك المدن، فبالمقارنة بين المقاطعات الأمريكية وُجد أن الأكثر إزدحاما بالسكان من بينها يتمتع أفرادها بمستوى دخول أعلى بنسبة 50% عن الأفراد فى المقاطعات الأخرى الأقل إزدحاما منها. إذن فقد كان "غاندى" مخطئا حينما قال "إن نمو الأمة لن ينبع من مدنها بل من قراها" ، فإن نموالهند يقوده سكان المدن.

لماذا يختار الناس الإقتراب من بعضهم البعض و التكدس فى المساحات الضيقة؟ بالرغم من التطور الثورى فى تكنولوجيا الإتصالات و الإنترنت، فلماذا لم تندثر المدن ؟ السبب فى ذلك أن البشر كائنات إجتماعية ، و الكائن البشرى يستمد ذكائه من وجود بشر أذكياء من حوله و هذا هو ما توفره المدن بما فيها من تكدس و إكتظاظ. إن المدن آلات للتعلم فإننا نولد بموهبة فطرية و هى المقدرة على التعلم مِن مَن هم حولنا من آبائنا و أمهاتنا و أقربائنا . و هو الأمر الذى يزيد من قدرة سكان المدينة على الإبداع و خلق أفكار جديدة تؤدى بدورها إلى إرتفاع ملحوظ فى متوسط دخول الأفراد فى المدن المكتظة عن غيرها من الأقاليم و الريف.

و إلى هنا تنتهى الأفكار الكبيرة ، مخلفة ورائها تساؤلات أكبر ...و بالعلم وحده تكون الإجابة.

الاثنين، 21 مايو 2012

أفكار كبيرة لأناس مشغولين! - الجزء الأول




تتسم حياة إنسان القرن الحادى و العشرين بنمط متسارع، و قل ما تسنح له فرصة التوقف من أجل إلتقاط الأنفاس و من ثم فإن الإطلاع على آخر ما توصلت إليه ألمع العقول فى العلوم و التقنية هو أبعد ما يكون عن جدوله اليومى. و من هذا المنطلق عقد "جون ديورانت" مدير مهرجان كامبريدج للعلوم* 2012 إتفاقا مع الحضور الواسع للمهرجان: إذا كنت مشغولا على الدوام و لا تمتلك الكثير من الوقت ، إستمع إلى فكرة بحثية جديدة فقط فى خمس دقائق و ذلك من خلال العرض العلمى "أفكار كبيرة لأناس مشغولين Big ideas for Busy people" و الذى حضره جموع عريضة من المشغولين ! قدم تسعة من أبرز باحثى و علماء معهد ماستشوستس و جامعتى بوسطن وهارفرد أفكارهم تباعا عن أحدث أبحاثهم الجارية ، بهدف إشارك العامة من الناس فى تفاصيل ما يجرى خلف أبواب المختبرات المغلقة. و الآن إليك عرضنا ، تعرف على فكرة واحدة فى دقيقتين، طالما تستطيع القراءة بالمعدل الطبيعي و هو 200 كلمة فى الدقيقة!


فكرة كبيرة (1) : تصميم التقنية من أجل مليار فى قاع


المتحدث: بروفيسور "محمد زمان" الأستاذ المساعد بتخصص الهندسة الطبية ، جامعة بوسطن.


لا شك فى أن أبحاث بروفيسور "زمان" باكستانى المنشأ ، مدفوعة برغبته فى إيجاد حلول بسيطة لمشكلات فقراء العالم الذين يقعون فى قاع السلم الإقتصادى، و بالطبع فإن أعمق مشكلات هؤلاء تتمحور حول الأمراض القاتلة مثل الإيدز والملاريا التى أصابت 225 مليون شخص حول العالم أغلبهم فى البلدان الفقيرة خلال عام 2011 فقط. و لكن ما يزيد من معانة هؤلاء هو عدم صلاحية الدواء المتاح فى الأسواق ، فتجد فى بلد فقير مثل نيجيريا نحو 40% من مضادات الملاريا إما مغشوشة أو غير مطابقة للمواصفات أو غير فعالة بالمرة. و هو الأمر الذى يؤدى بمتلقى العلاج إلى الوفاة ليس فقط لأن الدواء مغشوش لكن لأنه أيضا قد جعل جسم المريض يرفض العلاج الحقيقى! و من هنا بدأت رحلة بحث بروفيسور "زمان" عن حل سهل و بسيط و رخيص للتأكد من صلاحية الأدوية ، إلى جانب سهولة إستخدامه فى أى مكان سواءا أكان فى مدينة كبيرة نسبيا كـ"نيروبى" فى كينيا إلى أصغر قرية فى باكستان.




أما الحل المثالى الذى يتناسب مع تلك المواصفات فيتمثل فى شريحة مبتكرة ، مستطيلة الشكل و هى أكبر فى الحجم قليلا من عملة معدنية ، تبدو للرائى كقطعة زجاجية شفافة عديمة النفع إلا أنها السبيل لنجاة مليارات من المرضى الفقراء ! فقط بإذابة قرص الدواء المشكوك فى أمره ، و تمرير جزيئاته من خلال فتحة صغيرة على سطح الشريحة عندئذ تتحد جزيئات الدواء بمواد كيميائية موجودة سلفا داخل الشريحة. و فى خطوة أخيرة للكشف عن حقيقة الدواء ، يُسلط شعاع ضوئى على السطح العلوى للشريحة عندها يمكن التعرف على حجم جزيئات الدواء و نسبتها و كميتها و ذلك بتحليل الضوء الذى عبر الشريحة خارجا من سطحها السفلى. و هى تقنية واعدة يجرى فيها البحث الآن على قدم و ساق و تعرف بإسم "مختبر على شريحة Lap on Chip". و بذلك يسهل التفريق بين الدواء المغشوش و الدواء السليم من خلال إختبار تحليلى يقوم على شريحة صغيرة يبلغ سعرها 10 سنت أمريكى على الأكثر!


فكرة كبيرة (2): ماذا يحدث لو تمكنا من العيش 101 سنة؟


المتحدث: جوزيف كوفلين ، مدير مختبر الشيخوخة بمعهد ماستشوستس للتقنية.

فى بداية القرن العشرين كان متوسط الأعمار يبلغ 47 عاما أما اليوم فقد تخطى حاجز الـ 85 عام. و طبقا لما ورد فى دراسة هولندية لعام 2009 فإن 50 % من حديثى الولادة اليوم فى البلاد الغنية من المتوقع لهم العيش حتى بلوغ سن المئة! و هذا هو التحدى الذى يواجه الباحثين فى مختبرات الشيخوخة بمعهد ماستشوستس للتقنية: كيف نجعل 30 عاما إضافية على حياة هؤلاء تستحق العيش و ليس إطالة لمعانتهم فيها؟ و للإجابة عن هذا التساؤل ، أنشأ الباحثون فى مختبر الشيخوخة نظام "أجنيسAGNES " و هو عبارة عن بذلة يرتديها الشخص ليحاكى عددا من الحالات المزمنة التى لابد و أن يعانى منها كبار السن كإلتهاب المفاصل و ضعف العضلات ، ليتحرك مرتدى البذلة كما لو كان فى أواخر السبعينات من عمره! و لأن البنية التحتية الحالية لمجتمعاتنا غير مجهزة للتعامل مع كبار السن ، على الباحثين إستخدام نظام "أجنيس" لجمع المعلومات التى تساعد فى إنشاء بنية تحتية تجعل حياة كبار السن أسهل.

بداية من المواصلات العامة و موقتات عبور المشاة ، التى لابد و أن تعتمد على السرعة التى يستطيع بها العجائز عبور الشارع .و من ناحية الوقت الذى يقضيه كبار السن خلف عجلة القيادة ، يجب ألا يمثل فاصلا من الألم و المعاناة ، لذا يلزم تعديل أنظمة السيارة لكى تتمكن من إكتشاف حالة السائق كالشعور بالإرهاق أو التعب بل و تغير من أدائها بحسب طريقة قيادته لها. حالة محاكاة أخرى يستخدم "أجنيس" لدراستها و هى التسوق فى محال البقالة ، فهل وضع البضائع الإستهلاكية فى الرفوف العليا أم فى الرفوف السفلى هو الأفضل؟ و ذلك من أجل إعادة تصميم المحال لكى تتناسب مع كبار السن. و خلاصة القول أن إبتكار سيارات خاصة أو ركن تسوق مخصص للعجائز لن يلقى قبولا من كبار السن! لأن هؤلاء لا يحتاجوا إلى ما يذكرهم بعجزهم و عدم مقدرتهم على أداء المهام ، لذا فإن الأصل فى هذه الأبحاث هو إعادة تصميم المجتمع لجعل الأنشطة الحياتية أسهل و أقل تعقيدا و أكثر أمنا للعامة من الناس صغارا أكانوا أو كبارا.
تعرف على المزيد من التفاصيل عن نظام "أجنيس" من خلال المقطع التالى:


فكرة كبيرة (3): فن الأوريجامى ...من العلم إلى المنحوتات


المتحدث: إيريك ديماين ، الأستاذ بتخصص الهندسة الكهربية و الحاسوب بمعهد ماستشوستس للتقنية.

يجمع بروفيسور "ديماين" بين تخصصه فى البرمجة الحاسوبية و كونه فنانا فى طى الورق المسمى (فن الأوريجامى). و من ورقة كبيرة مربعة الشكل يمكنه الحصول على أى شكل ثلاثى الأبعاد يريده مهما كانت تعقيده و السر يمكن فى إستخدامه الرياضيات لبناء أى جسم من ورقة واحدة و بدون قطع واحد! انظر إلى منحوتات الأوريجامى الفنية المبهرة ، إنها بلا شك تحتاج إلى يد متأنية تثنى طياته الواحدة تلو الأخرى حتى إكتمال المنحوتة فى صورتها النهائية، لكن ما رأيك فى أوريجامى يطوى نفسه بنفسه! نعم.. تخيل ورقة روبوتية ثنائية الأبعاد تغذيها بتيار كهربى ، و فجأة تدب فيها الحياة و تتحول إلى أى شكل تريده فى ثوانى معدودة . أما التيار الكهربى الذى يغذى الورقة فيتم التحكم فيه من خلال خورزميات حاسوبية فتتشكل الورقة بحسب الأوامر التى تتضمنها الخورزمية ، و التى تختلف بإختلاف الشكل المراد تحقيقه. نفذ "ديماين" نموذجا مصغرا من الورقة الروبوتية و أنشأ منها منحوتات مصغرة على شكل طائرة و مركب شراعى ، شاهدها فى المقطع التالى:


تخيل مستقبلا تذهب فيه إلى متجر بيع الاثاث لشراء أريكة ، و لكنك حالما تعود إلى المنزل تجدها أكبر أو اصغر من المساحة المخصصة لها ، فتعيد برمجتها لكى تصبح أكبر حجما مثلا ، أو تحولها إلى سرير من أجل مبيت الضيوف فى منزلك! بل تخيل أنك بدلا من تحميل البرامج و التطبيقات لتشغيلها على جهاز الآى فون خاصتك ، فإنك تقوم بتحميل "جهازا" كاملا فى صورة خورزميات حاسوبية لكى تحول الآى فون إلى آى باد أو جهاز لابتوب محمول! بالرغم من جموح تلك التخيلات إلا أن الأساس النظرى الذى تقوم عليه تم إثباته عمليا بالفعل و كما يعمل على الورق فهو يعمل على البلاستيك و المعادن أيضا. و لا تخلوا الأنظمة البيولوجية من الحاجة إلى "الطى" بين حين و آخر ، فتقنية الأوريجامى مستخدمة طبيعيا فى خلايا جسم الكائن الحى! و من داخل كل خلية ينفذ كل بروتين الأوريجامى الخاص به و بحسب شكل أوريجامى البروتين تتحدد وظيفته لذا فإن تقنيات الأوريجامى التى بين أيدينا الآن يمكن تطبيقها على مستوى البروتينات لإعادة تشكيلها و التلاعب بوظيفتها بما يتناسب مع الأهداف الطبية و الصحية.

فكرة كبيرة (4): المادة قرب درجة حرارة صفر


المتحدث: بروفيسور ولفجانج كاترلى ، أستاذ الفيزياء بمعهد ماستشوستس للتقنية ، و الحاصل على جائزة نوبل فى الفيزياء لعام 2001.

تبدو ذرات المواد فى درجة حرارة الغرفة العادية للوهلة الأولى فى حالة من السكون و الإستقرار بينما العكس هو الواقع. تتعارك الذرات فيما بينها و تتحرك فى حالة من التدافع و العشوائية ، بصورة يصعب معها التحكم فى سلوك المواد . و كما يخدر الجراح المريض من أجل أن يكون مستقرا تحت مبضعه أثناء العملية الجراحية ، قام بروفيسور "كاترلى" بتبريد ذرات المواد بالقرب من الصفر المطلق و عندها توقفت الذرات عن الحركة تماما و أصبحت فى حالة من الإنسجام التام! و هى حالة يشبهها "كاترلى" بحركة "المارش العسكري" ، فلم تعد كل ذرة تعمل منفردة بل صارت تتشارك إيقاع ثابت فى منظومة متناغمة و هذه الحالة من المادة معروفة علميا بإسم "كثافة بوز-أينشتاين Bose- Einstein Condensate".

و الآن بعد أن أصبحت الذرات فى حالة تناغم ، صار من الممكن التلاعب بها و تغيير أماكنها فى المنظومة بل و إعادة ترتيبها بشكل أو بآخر! و هى عملية يطلق عليها بروفيسور كاترلى "الليغو الذرى" نسبة إلى لعبة البناء و التركيب الشهيرة "الليجو LEGO". تُستخدم أشعة الليزر فى عملية إعادة بناء و ترتيب الذرات ، فتعمل بمثابة ملقط للتلاعب بالليغو الذرى لتغيير بنية المادة. و بذلك تفتح تلك التقنية آفاقا واسعة لبناء مواد جديدة تماما ذرة بذرة ، لنحصل منها على خصائص مدهشة غير موجودة فى الطبيعة من أجل تطبيقات و أجهزة أكثر تطورا.

____________________
نتوقف الآن ليعود كل منا إلى ما يشغله لنكمل باقى الأفكار الكبيرة الأسبوع القادم إن شاء الله...

* أقيم مهرجان القاهرة للعلوم بالتوازى مع مهرجان كيمبريدج للعلوم ، كما أقيم عرض "أفكار كبيرة لأناس مشغولين" أيضا بالتوازى و أتيح لحضور مهرجان القاهرة النقاش المباشر مع بعض من هؤلاء الباحثين بواسطة الفيديو كونفرنس.

السبت، 24 مارس 2012

أنف سمكة المنشار:كالسكين السويسرى متعدد الإستخدامات

تجدها مرابطة بالقرب من قاع المحيط ، تتجول "سمكة المنشار" بهدوء متحفز بحثاً عن ضحيتها القادمة. شاحذة "حاستها السادسة" التى تمكنها من إيجاد فريستها فى أكثر المياه وحولةً و أشدها ظلمة ، و مهما كانت براعة الفريسة فى ممارسة أساليب التخفى و الخداع فلن تجد لها مهربا فى مواجهة سمكة يناهز طولها السبعة أمتار . لقد نالت سمكة المنشار تسمية "القرش النجار The Carpenter Shark" عن إستحقاق، فعندما تراها تحسبها قرشاً متنكرا بمنشار ممتد عند المقدمة ، تكفى ضربتين خاطفتين منه لتصبح ضحيتها نصفين!

لم يشاهد أحد سمكة المنشار تصطاد من قبل ، فكثُرت التكهنات حول وظيفة "المنشار" تحديدا ، فهل تستخدمه السمكة لنبش الرمال و الوحل فى قاع المحيط بحثا عن فريسة مختبئة؟ أو ربما تنقض بزوائده المسننه قاطعة أجزاء من حوت ضخم؟ أم تشق به طريقها فى قلب المحيط المزدحم؟

إن صفة الأنف الطويل المميز لدى سمكة المنشار ليست حكراً عليها وحدها إنما هى سمه مشتركة بين العديد من الفصائل السمكية الأخرى و فى كل منها تختلف استخدامات هذا الأنف! و من هنا كانت أسباب حيرة العلماء بشأن وظيفة أنف سمكة المنشار.

تُعد "سمكة السيف" من أشهر الأسماك المعروفة بأنف طويل و مدبب و إسمها العلمى "السمكة المنقارية Bill Fish" ، و التى تشهر سيفها فى مواجهة فرائسها و تسدد به طعنات متلاحقة تصبح بعدها الفريسة جاهزة للأكل، لكن الأنف المفلطح الخاص بـ"سمكة المجداف Paddle Fish" فوظيفته أكثر سلمية إذ يساعدها على الإحساس بالعوالق البحرية و تحديد مواقعها بدقة و هو الأمر الذى يجعل من مهمة الأنف فى النهاية غير ودية البتة لأن الفريسة مصيرها أن تؤكل أيضا! أما القيام نبش الرمال و الأوحال فى القاع بحثا عن فرائس مختبئة فهو وظيفة أنف "سمكة الحفش Sturgeon " و التى ما أن ينتهى أنفها من مهمته حتى يبدأ الفم بأداء دوره فى "شفط" الضحية لتستقر فى معدتها فى النهاية.

سمكة السيف


السمكة المجدافية


سمكة الحفش

المدهش فى أمر سمكة المنشار أن وظيفة أنفها تجمع ما بين تلك الإستخدامات مجتمعة جاعلة إيها سمكة حاذقة مفترسة لا تقهر...

الحاسة السادسة

إن سمكة المنشار هى المفضلة لدى "باربارا ورينجر" الباحثة المتخصصة فى علوم الأعصاب الأحيائية بجامعة كوينزلاند الأسترالية و من خلال أبحاثها المتتابعة حول سمكة المنشار ، نجحت "ورينجر" فى كشف أسرارها أخيرا، فتقول "ورينجر" :"إن وظيفته تشبه اللمس عن بعد". أجرت "ورينجر" تشريحا على سمكة منشار نافقة و تمكنت من إيجاد عددا من المسام الدقيقة على طول المنشار، و التى ثبت بالتجربة أنها تعطى السمكة المقدرة على الإحساس بالمجالات الكهربية التى تصدرعن إنبساط و إنقباض عضلات و قلوب الأحياء البحرية أثناء حركتها بالجوار و هى سمة تتشارك فيها فصائل القروش و الرقيطات و نجدها فى ثدييات بحرية مثل الدلافين.

شاهد هذا المقطع المصور للتجربة التى أجرتها "ورينجر" و تقوم فيها سمكة منشار بمهاجمة أقطاب تصدر مجالات كهربية تحاكى المجالات التى تصدر عن الأحياء البحرية:



لم تكتفى "ورينجر" بأن تكون تجربتها قاصرة على مشاهدة السمكة تصطاد فحسب، لكنها عزمت على تفسير سلوكياتها فى إستخدام المنشار كأداه إحساس للحصول على الغذاء.

فقامت بإنشاء خرائط لأماكن المسام الحساسة على المنشار و قارنتها مع أماكن المسامات لدى سمكة "الرقيطة مجرافية الأنف" . فوجدت أن مسام الإحساس بالمجالات الكهربية لدى مجرافية الأنف متمركزة حول الفم و عزت تفسير ذلك إلى أن عينى سمكة مجرافية الأنف تقع فى أعلى جسمها المفلطح بينما يكون الفم فى الأسفل لذا فإن مسام الإحساس تلك تساعد السمكة فى تحسس طعامها حتى و إن لم تراه.

الرقيطة مجرافية الأنف

على عكس سمكة المنشار التى تتركز مسام الإحساس الخاصة بها على السطح العلوى من المنشار و هو ما يفسر تخليها عن موقعها بالقرب من القاع لتسبح إلى أعلى لمهاجمة فريسة احست بها فى المجال أعلى المنشار.

أداة القتل

فى اللحظة المناسبة تنقض سمكة المنشار على فرائسها من الأسماك و الأحياء البحرية الصغيرة و لا تزج بنفسها فى معركة خاسرة مع الحيتان الضخمة، كما أنها لا تهاجم الإنسان إلا فى حالة مفاجأتها، فإنها تستخدم المنشار كأداة دفاع عن النفس.

أنف سمكة المنشار لم يكن ليعتبر كسلاح قاتل بالنظر إلى كونه زائد غضروفى طويل يشبه أنف السمكة المجدافية تماما و يتشارك كلاهما فى إستخدامه كحساس للمجالات الكهربية و لكن سمكة المنشار تتفوق على المجدافية فى وجود بروزات حادة تشبه الأسنان نامية من جلد الغضروف ، بل و أنها تشحذ منشارها لتزيد من حدته عن طريق حك اسنانه بالقاع ، و قد فُسر هذا السلوك خطأً من قبل، بأن السمكة تعبث بالمنشار فى التراب بحثا عن فريسة مختبئة.

لذلك فإن سمكة المنشار بضربات عرضية خاطفة تستطيع أن تقطع الأسماك الصغيرة إلى نصفين ، و عندما تنهى هجومها السريع ، فإنها تستخدم الأنف لتصحب فريستها مرة أخرى إلى القاع فتثبتها و تشرع فى أكلها.

و هذا المقطع المصور لتجربة "ورينجر" يسجل سلوك هجوم سمكة المنشار المسماة "Pristis pectinata" على أسماك التونة التى يُلقى بها من أعلى الخزان الذى تسبح فيه و تثبيتها للأسماك بإستخدام المنشار فى القاع :



خطر الإنقراض

مع الأسف فإن المنشار لم يجلب على السمكة سوى خطر الإنقراض، فهى تقع بأنواعها السبعة على رأس قائمة الكائنات المهددة بالإنقراض و يمكننا أن نلقى باللوم فى هذا الأمر على الإنسان...ثم المنشار!

فإن الزحف العمرانى على السواحل و بناء الموانئ، يدمر مواطن العيش الطبيعة الخاصة بأسماك المنشار ، كما أن السعى الحثيث للصيادين للإمساك بها من اجل الإتجار فى المنشار و الزعانف و التى تستخدم كجوائز و تذكارات، يضعها فى خطر محقق . حتى و إن لم يمسك بها الصيادون عن قصد ، يكون المنشار ذو الزوائد المدببة غالبا هو السبب فى وقوع سمكة المنشار فى شباكهم حيث يعلق بها بينما تقوم السمكة بمطاردة فريسة.

أيضا يدعم هذا التناقص الخطير فى أعدادها و يؤجج من خطورته أن الأعداد المنقوصة و المهدرة من أسماك المنشار لا يعاد تعويضها من قبل فصائلها نفسها بالتكاثر ذلك لأنها بطبيعتها أسماك بطيئة النمو و التكاثر.

ترى "باربارا ورينجر" أن العلماء و الباحثين لابد و أن يكون لهم دورهم فى الحفاظ على سمكة المنشار من خطر الإنقراض. و توضح "ورينجر" أنه هناك العديد من الأبحاث الآن تعمل على تطوير تقنيات لإبعاد فصائل القروش و الرقيطات عن شباك الصيادين بإستخدام مجالات كهربية أو مغناطيسية و لكى تُستخدم هذه التقنية لابد و أن يتم دراسة قوة المجال الذى يجذب تلك الأسماك و هو ما تدور حوله أبحاث "ورينجر" حاليا و بإستخدام التقنية نفسها يمكن إيجاد قوة المجال التى تصد أسماك المنشار بعيدا عن خطر الوقوع فى الشباك، أملا فى الحفاظ على هذه الفصيلة المميزة من الأسماك.

ملحوظة ختامية: ما أطلقنا عليه "أنف" فى هذا المقال هو ليس أنفا بالمعنى الوظيفى للأنف فهو لا يستخدم فى الشم بالطبع، لكن هذا الجسم سواءا أكان منشارا أو سيفا فهو يقع فى المسافة الفاصلة بين العينين و الفم لذا فهو "أنفا" مجازيا و لكن التسمية الأكثر دقة لهذا الأنف المجازى هى "الخطم Snout".

___________________
المصادر:

1- Wueringer, Squire, Kajiura, Hart & Collin. 2012. The function of the sawfish’s saw. Current Biology, citation tbc.
2- How sawfish impale prey with a toothy snout
3- Sawfish Snout Has Sixth Sense, Splits Prey in Half
4- Sawfish snout senses, swipes and stabs
5- How the sawfish wields its saw… like a swordsman

الثلاثاء، 6 مارس 2012

الأحاديث السرية بين النباتات:رسالة إلى من يهمه الأمر

تزحف يرقة صغيرة متسلقة جذع نبتة "الطباق" ببطء و روية ، و ما أن تصل إلى ورقتها المخضرة حتى تشرع فى إلتهامها قضمة تلو الأخرى، و لا حيلة للنبتة المسكينة سوى الإستسلام لفكى يرقة جائعة. و بينما تستمتع اليرقة بوجبتها الخضراء ، تُفاجأ بإنقضاض من ألد أعدائها "الدبور الطفيلى" ، و تدور بينهما معركة تنتهى بهزيمة الدودة و نجاح الدبور فى وضع بيضة داخلها حتى إذا ما تفقست ، تقتات صغار الدبور الوليدة على اليرقة و تقتلها ببطء. يمكننا القول أن هجوم الدبور لم يكن مصادفة بحتة ، إنما هو تلبية لرسالة إستغاثة بعثت بها نبتة الطباق عن قصد إلى الدبور لكى ينقذها من براثن اليرقة الجائعة.


هجوم الدبور الطفيلى على اليرقة آكلة الطباق

رسالة:"النجدة!"

فى أى لحظة تتوقع نبتة الطباق هجوم من أحد أعدائها الطبيعيين من يرقات العُث ، ناهيك عن بق الأوراق و البرغوث الخنفساء. قد لا تكفى الأشواك وحدها لردع هذه النوعية من الأعداء و لابد من اللجوء إلى الحلفاء. يتبع أفراد الفصائل النباتية المختلفة هذه الإستراتيجية الدفاعية التى تشبه إلى حد كبير تلك التى يتبعها الجهاز المناعى للإنسان عندما يطلق أجسامه المضادة للقضاء على مسببات الأمراض من فيروسات أو بكتيريا دخيلة. ذكاء الإستراتيجية يكمن فى الكيفية التى يتواصل بها النبات مع حلفائه و التى سعى العلماء حثيثا لإكتشاف اللغة الكامنة وراءها. قد يبدو عالم النبات غارقا فى صمت مطبق ، بينما تكسر ضوضاء البرية من حوله حاجز الصمت ، لكن تحت هذا الغطاء الصامت يدور حديث كيميائي صاخب.

مع أول قضمة تلتهمها الحشرة المعادية ، يتعرف النبات عليها مباشرة من لعابها و من ثم فإنه يطلق مواد كيميائية سامة لتقتلها أو على الأقل تسبب لها عسر هضم! ربما لا تنجح تلك التقنية ، و منها ينتقل النبات إلى خطه الدفاعى الثانى بإطلاقه لمواد طاردة تنتشر عبر الهواء لإجبار الحشرات الدخيلة على الإبتعاد عنه.

عكف عالم الأحياء "إيان بولدوين" من معهد ماكس بلانك الألمانى ، على إستكشاف اذا ما كان النبات يمتلك أسلحة دفاعية أخرى فى ترسانته الحربية. لذلك فقد صمم وشريكه "أندريه كيسلر" تجربة لدراسة رد فعل الحشرات تجاه المواد الكيميائية المختلفة التى تطلقها النباتات فى حالة الخطر. و بمحاكاة لحالة تعرض نبتة الطباق للهجوم من قبل العُث و وضع بيضه على ورقتها ، تبين أن أحد أعداء العث و هى حشرة "جيوسوريس بالينز Geocoris Pallens" و التى تتغذى على بيوضه قد إنجذبت بالفعل تجاه النبتة مُلبية نداء الإستغاثة. و فى هذا الصدد يؤكد "كيسلر" : تستطيع النباتات وقاية أنفسها من نحو90% من أعدائها المتغذيين على العشب بإطلاق كيماويات معينة تنتشر عبر الجو، و يضيف أن التواصل الكيميائى فى النباتات هو أمر طبيعى و يحدث من حولنا بشكل متكرر دون أن نلحظ.

حشرة جيوسوريس تنجذب لنبتة الطباق

كان "بولدوين" من أوائل من أجروا تجاربهم فى قلب الطبيعة ، لكن سبقه إلى دراسة اللغة الكيميائية للنباتات العديد من العلماء الذين قد أجروا تجاربهم داخل المعمل، منهم بروفيسورة "كونسويلو دى موريس" المتخصصة بعلم الحشرات بجامعة ولاية بنسلفينيا. كشفت " دى موريس" من خلال تجربها أن النباتات التى تطلب المساعدة من الحشرات لا تطلق إستغاثتها لأى حشرة عابرة أملا فى أن تلبى أحدها النداء. و تشرح "دى موريس" أن النبات المصاب يوضح فى رسالته لطلب المساعدة أنه قد تعرض للهجوم بل و من قام بالإعتداء عليه و من ثم فإن الحشرة المعنية هى فقط التى تستجيب للنداء . و يعزى هذا الأمر إلى أن النباتات تتعرف على الحشرة المعتدية من لعابها لذلك فإنها تطلق إنبعاثاتها الكيميائية لكى تجذب حشرة حليفة بعينها ، ففى حالة هجوم يرقة العُث على نبتة الطباق كمثال ، يقوم الطباق بإستدعاء "الدبور الطفيلى" الذى يضع بيضه فى تلك اليرقة.

هجوم الدبور

رسالة:"إحذر!"

إذا كان النبات يستخدم لغته الكيميائية للتواصل مع حلفائه من الحشرات، فإن أبناء عشيرته من نباتات هم أيضا أولى بالتواصل ، و هم أكثر حاجة لتلقى رسائل "تحذير". على مدى سنوات من البحث وجد العلماء أن أشجار الصفصاف و الحور و جار الماء و البتولا تتجاذب أطراف الحديث مع ما حولها من نباتات و تكون فى حالة إنصات لأى إشارة تحذير تأتى من رفاقها فى البرية. فى عام 1988 تناول "ميرسيل ديك" و فريقه البحثى من جامعة "فاغينينغين" الهولندية سلوك النباتات تجاه رسائل التحذير بالبحث و قد وجدوا أن النباتات التى تعرضت للإنبعاثات الكيميائية المنتشرة فى الجو جراء تعرض نباتات القطن و الفاصوليا البيضاء لهجوم من السوس ، تشحذ أسلحتها الدفاعية و تتأهب لأى هجوم قريب بإطلاقها للمواد الكيميائية التى تستدعى أعداء السوس. و لا يشترط أن يكون النبات السليم من نفس فصيلة النبات المتضرر حتى يفهم لغته ، حيث وجدت الدراسات أن نبتة الخيار تبدى ردة فعل تجاه اشارات نبتة الفاصوليا البيضاء المصابة.

بالرغم من كل ما يمتلكه العلماء من نتائج دالة على أن هناك خطاب مباشر بين النباتات و بعضها ، لم يكون هناك دليل دامغ على أن الكيماويات المنبعثة من النبتة "أ" تصل إلى النبتة "ب" و عليه فإن النبتة "ب" تبدى تصرفها. يتطلع بروفيسور الكيمياء الحيوية بجامعة إكيستر "نيك سميرنوف" إلى البت القاطع فى هذا الأمر، و من أجل هذا الهدف كان على "سميرنوف" أن يسجل تلك الإنبعاثات و يراها رأى العين حتى يثبت حدوثها. مؤخرا وجد "سميرنوف" ضالته المنشودة فى "اليرعة"، الحشرة التى تتوهج فى قلب ظلام الدامس ، و بإستخدام الهندسة الجينية إستخرج "سميرنوف" البروتين المسمى "لوسيفيريس" من الحمض النووى "دى إن إيه" الخاص باليرعة و هو المسئول الأول عن مقدرتها على التوهج فى الظلام.

اليرعة المتوهجة

أدخل "سميروف" تعديلات على الحمض النووى لنبات "الكرنب" بإضافة بروتين "لوسيفيرس" المستخرج من اليرعة و الذى بدوره يجعل من الإنبعاثات الكيميائية "ميثيل جاسمونيت" من الكرنب متوهجة و مضيئة يسهل تسجيلها بإستخدام الكاميرا.

باشر بروفيسور "سميرنوف" بإجراء تجاربه فقطع أحد أوراق الكرنب بإستخدام مقص و تمكن من إلتقاط مسار الإنبعاثات من الكرنب المصاب إلى نبتتى كرنب قريبتين و اللتين بدورهما إستلمتا رسالة التحذير و أفرزتا مواد سامة على الأوراق لحمايتهما من الأعداء مثل الديدان.

نبات الكرنب يشحذ دفاعاته بالإنصات إلى النباتات المجاورة

شبكة نباتية

لا يقتصر التواصل عبر الجو كوسط لنقل الدردشة الكيميائية بين النباتات ، حيث تمكن بعضها من تطوير وسائل أخرى للتواصل بإستخدام شبكات داخلية نرى الشبه فيها واضحا مع شبكات الإنترنت العالمية! بعض النباتات مثل الفراولة و البرسيم و قصب السكر تمتلك شبكة من الوصلات التى تتبادل عبرها المعلومات و تتألف تلك الشبكات من جذوع افقية تمثل قنوات اتصال على سطح التربة أو تحت الأرض. أجرى الباحث "جوزيف ستوفر" و فريقه من جامعة "رادبود" الهولندية، تجاربهم على مدى فاعلية هذه الشبكات فى حماية الأفراد المشاركين فى الشبكة من الخطر.

قام "ستوفر" بإطلاق سراح دودة لتأكل من ورقة نبات البرسيم الأبيض متفرعة من شبكة من الوصلات ، و بعدها سمح لمجموعة أخرى من الديدان للإختيار بين شبكة البرسيم التى تحتوى على ورقة مصابة و شبكة أخرى مجاورة لم يمسها الأذى، فكانت النتيجة أن الديدان لم تقرب الشبكة التى أصيبت أحد أفرادها . و يفسر "ستوفر" السبب بإستلام باقى أفراد الشبكة رسالة إنذار من الورقة الضحية عبر القنوات الداخلية و تولت كل ورقة إستلمت التحذير مهمة إعادة إرساله لباقى أفراد الشبكة ، و على إثرها تتخذ الأوراق وضعها الدفاعى كيميائيا، أو ميكانيكيا بأن يجعل النبات أوراقه أكثر قساوة فى المضغ و غير مرغوب فى الأكل.



الشبكة الداخلية للبرسيم الأبيض تنقل التحذيرات

بينما تعتبر تقنية الشبكات النباتية ميزة لحماية أفرادها فهى كذلك عيب خطير لقدرتها على نشر الفيروسات ، حيث أن الفيروس يجد له مدخلا عبر ورقة واحدة ليصيب الشبكة بالكامل بالعدوى ، و يشبه "ستوفر" هذه الحالة بفيروسات الحاسوب التى تتفشى على أجهزة الشبكة الواحدة.

القضاء على الآفات

إجراء الأبحاث العلمية من أجل فهم أكبر للغة النباتات الكيميائية تنعكس بشكل إيجابى على إحداث تغيرات ثورية على نظم الزراعة. يعتمد المزارعون بشكل أساسى على المبيدات و الكيماويات لمكافحة الآفات و الحشرات الضارة بالمحاصيل الزراعية، و ذلك لأن تلك المحاصيل فقدت مقدرتها الطبيعية على طلب المساعدة من حلفائها من الحشرات. القطن البرى كمثال تبلغ إنبعاثاته الكيميائية لإستدعاء الدبور الطفيلى نحو 10 امثال نظيره المزروع محليا.

يستفيد الباحثون فى الدول نامية من القدرات الطبيعية لدى النباتات على إستدعاء الحلفاء أو تنفير الأعداء للحفاظ على جودة المحاصيل. فى شرق أفريقيا تصاب محاصيل الذرة بـ"الديدان حفارة السيقان" ، لذلك فإن زراعة حشائش "مولاس قصب السكر" فى الحقل تدفع الآفات بعيدا عن المحصول ، فهو يطلق مواد كيميائية طاردة للديدان و جاذبة لأكثر أعدائها شراسة "الدبور الطفيلى". و فى الوقت ذاته يمكن زراعة النباتات التى تقتات عليها الديدان حول الحقل و بذلك يجذب الآفة بعيدا عن المحصول الأصلى.


زراعة مولاس قصب السكر فى حقول الذرة للتخلص من الآفات

تركز أبحاث علماء النباتات و بخاصة دراسات بروفيسور "بولدوين" على إيجاد تقنيات طبيعية للقضاء على الآفات بتحسين دفاعات المحاصيل الزراعية لتقوم بحماية نفسها بنفسها و طلب المساعدة من حلفائها من الحشرات حال تعرضها للهجوم ، دون اللجوء إلى المبيدات الصناعية من قبل المزارعين.

يتبادر عبير الزهور و عبق النبات الأخضر على أنوفنا نحن البشر، كخلفية عطرة لطبيعة تبدو مسالمة و هادئة. لكن بالنسبة لسكان البرية من نباتات و حشرات فإن تلك الروائح التى تحمل جزيئاتها الكيميائية كلمات و عبارات غير منطوقة ، تنذر بقرب معركة شرسة...من أجل البقاء.

المصادر:1,2,3

الثلاثاء، 10 يناير 2012

تكنولوجيا الغد: لا نحملها بل نرتديها!!

يرتبط أداء مهامنا و أعمالنا اليومية بالتقنيات التى نحملها معنا فلا تفارق أيدينا و تصحبنا فى كل مكان ، من حواسيب لوحية و محمولة و هواتف ذكية لإجراء الإتصالات حول العالم و تصفح شبكة الإنترنت و تشغيل التطبيقات الذكية إلى ما هو أكثر. لكن أن يتاح لنا "إرتداء" تلك التقنيات بدلا من أن نحملها ، فهذا ما ستؤول إليه تكنولوجيا الغد !

عدسات لاصقة ذكية

أصبح إرتداء العدسات اللاصقة لا يقتصر على ضعاف البصر، بل صارت متاحة لكل من يمتلك حساب بريد إلكترونى. الآن لم تعد بحاجة إلي هاتف ذكى أو حاسوب لتصفح بريدك الإلكترونى، فقط ثبت عدساتك اللاصقة على قرنيتك و تمتع بتصفح سلس و سهل لرسائلك. قد تعتقد أن تلك الإمكانيات المذهلة تحتاج إلى جهاز لا يقل حجمه عن حجم الهاتف الذكى لكن المدهش أن سمك الدوائر التى تحتويها العدسة يبلغ واحد من الألف من سمك شعرة الإنسان، أى أننا نحتاج إلى عدد يوازى 1000 من تلك الدوائر مصطفة فوق بعضها حتى يصل سمكها إلى سماكة شعرة الإنسان!!

صار الباحثون قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى تلك العدسات الثورية، بعد أن أثبتوا نجاح الفكرة مبدئيا ، من خلال نموذج أولى للعدسة اللاصقة تستطيع أن تعرض بكسل واحد من المعلومات تظهر على هيئة نقطة ضوئية يبصرها من يرتدى العدسة.

تجربة العدسة على عيون الأرانب

التقنية التى تحتويها العدسة ليست بالسهولة التى تبدو عليها، فقد كان على الباحثين أن يواجهوا العديد من المشكلات الصعبة. منها أن العين تركز على الأجسام و تبصرها على مسافة يجب ألا تقل عن عدة سنتيمترات، أما تلك المسافة فتسمى "البعد البؤرى لعدسة العين" و هو الحد الأدنى من المسافة حتى تتمكن عدسة العين من تجميع الضوء الصادر عن جسم و تركيزه على الشبكية، كيف إذن للعين أن ترى المعلومات ملاصقة لها من خلال العدسة اللاصقة ؟

تمكن الباحثون من التغلب على تلك المشكلة بإستخدام ما يسمى بـ "عدسات فريزنل Fresnel lenses " و هى نوع من العدسات كان يستخدم قديما لتركيز ضوء الفنارات الضوئية فى البحر، و هو نفس الدور الذى تؤديه عدد من "عدسات فريزنل" دقيقة الحجم الموجودة بالعدسة اللاصقة الذكية إذ تعمل على تركيز الصورة التى تعرضها ، حتى تقع على الشبكية و تدركها العين.

"تى شيرت" طبى

دائما ما يرتدى المريض فى المستشفي لباس فضفاض يخفى ما تحته من أقطاب موضوعة على صدره لقياس كهربية القلب ، و ربما تجده أيضا موصلا بكابل لقياس نسبة الأكسجين فى دمه و آخر لقياس ضغطه ، فيجد المريض نفسه محاطا بشبكة متداخلة من الأسلاك و التوصيلات التى تثير فى نفسه و أهله القلق و الهلع! إلا أن هذا المشهد ربما يصبح من الماضى عما قريب بفضل إختراع الـ "تى شيرت الطبى الذكى" من قبل باحثين أسبان.


يحتوى الـ"تى شيرت" على مجسات لتسجيل العلامات الحيوية للمريض من قياس لكهربية القلب و درجات الحرارة. بالإضافة إلى ذلك فإنه يحتوى على مزية تحديد موقع المريض الذى يرتديه عن طريق تقنية "جى بى إس GPS" مما يعطى المريض قدر كبير من الحرية للتحرك داخل المستشفى دون الحاجة إلى أن يحمل معه الأجهزة التى تتابع حالته الصحية . يرسل الـ "تى شيرت" العلامات الحيوية للمريض بشكل لا سلكى إلى نظام تحليل البيانات داخل المستشفى بهدف المتابعة المتواصلة.

و فى حالات الخطر ، يرسل نظام تحليل البيانات رسالة نصية إلى أقرب طبيب محددا موقع المريض بدقة لسرعة إسعافه.لا يقتصر إستخدام الـ "تى شيرت" على المستشفيات فحسب، بل هو افضل وسيلة لمتابعة حالة المرضى من منازلهم أو متابعة العلامات الحيوية للرياضيين بما يوفره من راحة لمرتديه إلى جانب إمكانية غسله و تنظيفه.

وشوم إلكترونية

يتباهى الشباب صغار السن بالملصقات و الوشوم التى تغطى أجسادهم، و تحمل عبارات أو رسومات ليست ذات نفع أو قيمة. إلا ان رأى العلماء فى هذا الصدد كان مختلفا ، إذ رأوا إمكانية الإستفادة من ملصقات الوشوم تلك و تحويلها إلى تقنيات دقيقة تعمل كبديل للأجهزة و المعدات الضخمة!

فى هذه الحالة لا يكون الوشم مجرد رسم مبتذل او عبارة بلا معنى لكن دائرة إلكترونية متكاملة تحتوى على مجسات حساسة و هوائى لإرسال المعلومات لاسلكيا! الوشم يكون أقرب إلى جسم الإنسان من ملابسه ذاتها لذلك فهو الأداة المثالية لقياس العلامات الحيوية و الأنشطة البدنية المختلفة دون أجهزة أو وصلات مرتبطة بالجسم. يمكن لصق الوشم الإلكترونى بسهولة على أى مكان على الجلد لقياس الموجات الكهربية للمخ أو قياس النشاط العضلى أثناء الحركة أو قياس كهربية القلب. أما عن مصدر طاقتها، فهى بالكاد تحتاج إلى قدر ضئيل جدا من الطاقة تتزود به بإلتقاط الموجات الكهرومغناطيسية الموجودة فى البيئة المحيطة و تحولها إلى طاقة كهربائية تغذى مكونات دوائرها أو يمكن تزويد الملصق بلواقط للطاقة الشمسية، كل هذا و أكثر فى سمك لا يتعدى قطر شعرة الإنسان. و يبقى الوشم سليما مدة تصل إلى 24 ساعة مع الشد و الضغط و الأحمال المختلفة دون أن تتلف الدوائر أو تتمزق.

و يعد هذا الملصق بمثابة النجدة للمرضى بمشكلات فى الأحبال الصوتية و التى تحرمهم المقدرة على وسيلة التواصل بالكلام، يمكن بسهولة لصق الوشم على الحنجرة و ما عليه فقط أن يحس بالحركات العضلية التى تحدث عند الحديث أو الكلام و يرسلها لاسلكيا إلى جهاز آخر ليقوم بتحويلها إلى كلمات مسموعة.

"تى شيرت" للشحن بالصوت

مع إتجاه ما نحمله أو "نرتديه" من تقنيات إلى أن تكون أكثر"ذكاءا"، تصبح تلك الأجهزة فى تعطش دائم لإستهلاك الطاقة التى تصرفها على تشغيل التطبيقات المختلفة و أداء الوظائف الحيوية كل جهاز بحسب دوره. لذا من المواقف المتكررة التى تواجهنا يوميا ، نفاذ البطارية التى تغذى الهاتف الذكى أو الحاسوب بشكل يشل حركة أعمالنا و مهامنا. لكن فى بيئة تملؤها ضوضاء الحشود و أصوات آلات تنبيه السيارات ، أضحى من الممكن أن تشحن بطارياتك بكل سهولة!

تمكن فريق من الباحثين بشركة "أورنج orange " من تحويل الصوت إلى طاقة كهربائية، فقط إرتدى "تى شيرت الشحن بالصوت" الخاص بك و تمتع ببطارية ممتلئة على الدوام! مثبت على سطح الـ "تى شيرت" طبقة رقيقة من مجسات "كهروضغطية" تقوم بتحويل ضغط الصوت الواقع عليها إلى كهرباء و هى بذلك تحاكى ميكروفون كبير الحجم. نجد أن صوت شدته 80 ديسيبل يكفى على مدار يومين لشحن بطارية هاتف ذكى واحد عن آخرها ، بواقع 6 وات من الكهرباء لكل ساعة ، حيث أن ضوضاء بمقدار 80 ديسيبل متوفرة بأى شارع مزدحم!

فيديو من مبتكرى التى شيرت من شركة أورنج:



بزة عسكرية تولد الطاقة

على أرض المعركة لا يوجد مجال للخطأ ، لا يعقل أن تكون على وشك إبلاغ قيادتك بمكان العدو و تفاجأ بنفاذ بطارية جهاز الإرسال اللاسلكى الخاص بك! و من أجل تفادى الوقوع فى تلك المشكلة على الجندى المسكين أن يحمل معه بطاريات تضيف على ما يحمله من معدات و أجهزة ثقيلة نحو 6 كيلوجرامات إضافية من إجمالى 68 كيلو جرام يحملها الجندى و يسير بها لمسافات طويلة ، و بالرغم من تلك الإحتياطات فعلى الجندى العودة إلى قاعدته العسكرية لشحن بطارياته مرة أخرى كلما نفذت. فعكف الباحثون بالجيش البريطانى على إيجاد حل مثالى يوفر العناء على الجنود ، و نجحوا بالفعل فى تحويل البزة العسكرية التى يرتديها الجنود إلى مصدر ذكى للطاقة بالإستفادة من طاقة الشمس التى لا تنضب.


تتكون الالياف المصنوع منها البزة من خلايا "كهروضوئية" تحول ضوء الشمس إلى كهرباء ، بالإضافة إلى خلايا "كهروحرارية" تحول الفارق فى درجات الحرارة إلى كهرباء أيضا، فى سابقة هى الأولى من نوعها مما يجعل البزة قادرة على إنتاج الطاقة 24 ساعة يوما لمدة 7 أيام أسبوعيا.

سروال الجينز..لفلترة الهواء!

تعج البيئة من حولنا بالملوثات التى نستنشقها مع الهواء و تعلق بأيدينا و ملابسنا عند لمس الأسطح و الأجسام . و تهاجم الأزمات الربوية الصغار قبل الكبار ولا سبيل لتفادى الملوثات المنبعثة من السيارات و المصانع لأنها تحيط بنا من كل إتجاه. إذن لما لا يكون لملابسنا التقليدية دورا فى القضاء على الملوثات، يمكن للسروال "الجينز" أن يلعب دور الفلتر لتنقية الهواء الذى نتنفسه ! بواسطة تكنولوجيا تنقية الهواء المبتكرة من جامعة "شيفلد" التى تحول الملابس التقليدية إلى "الملابس المحفزة". يغطى سطح أنسجة السروال "الجينز" بطبقة من "المحفزات الضوئية" و هى مواد تلتقط الملوثات من الجو و تتفاعل معا محولة إياها إلى مركبات كيميائية غير مضرة عندما تتعرض للضوء. و تُزال المركبات الناتجة بسهولة بالغسل و التنظيف ، و بذلك تشارك ملابسنا بإيجابية فى عملية تنقية الهواء!

معاطف ذكية تتمزق فتلتئم ذاتيا


حدوث أى قطع أو تلف فى الملابس، لابد و أن يلحقه إصلاح و معالجة من أيدى خبيرة ماهرة حتى يرمم القطع و يصلح التلف كأنه لم يكن. لكن عندما تتمزق المعاطف المضادة للمياه كالتى يرتديها الصيادون المحترفون ، يكون الصياد فى خطر أثناء تأدية عمله لأنه لم يعد بمنأى من المياه بعد الآن و لا سبيل لإسترجاع ما كان منها فيصير مكانها الأخير هو سلة المهملات . الآن يمكن الحد من إهدار الملابس المضادة للمياه ، بتقنية مبتكرة لرأب القطع ، تصنع المعاطف و الملابس المضادة للمياه من نسيج ذكى ، عندما يتمزق يجعل القطع يلتئم ذاتيا فيغلق نفسه بنفسه و كأنه سحر! هذه التقنية تم إبتكارها فى إطار مشروع نرويجى يسمى "الأمان فى البحر" و الذى يهدف إلى تصميم ملابس ذكية للصيادين الأوروبيين، لتوفير أعلى عوامل الامان لهم أثناء تأدية عملهم.

________________
المصدر: 1

الصفحات