الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

لماذا نحلم؟-الجزء الأول


"رأيت طريق سريع ذا اتجاهين ...الى الان يبدو كل شئ منطقى... بغض النظر عن حقيقة أن السيارت المسرعة على الطريق كانت بلا سائقين؟؟!!"

"كانت امرأة بالغة الوزن و الضخامة و كان لديها لحية نامية حقيقية....."

"كنت ممسكا بكوب كبير من الحليب و به رأس......"


كانت تلك مجموعة من الاحلام الغريبة التى رأها أشخاص أثناء نومهم ...قد تبدو هذه الاحلام غير منطقية و ليست لها أدنى أهمية . لن نجد أحد لم ينبهر بعالم الاحلام العجيب و لكننا لم نشغل بالنا قط بمعنى ما نرى فى أحلامنا، من ناحية أخرى ينظر العلماء الى الاحلام بمنظور أخر، اذ يعتقدون أن أحلامنا لها أسباب...و لها هدف فى حياتنا....و يسعون الى سبر أغوار هذا العالم الغريب و يطرحون أسئلة عدة...

"لماذا نحلم؟"

"هل أحلامنا هذه لها معنى حقا؟"

"كيف يمكن أن تكون تلك الاحلام مفيدة لنا"؟

قبل 55 سنة من الان بدأ علماء الاعصاب بدراسة مخ الشخص الحالم،قام العالم "ناثانيل كلايتمن" بإجراء تجاربه على أشخاص نائمين حيث قام بملاحظة الموجات الدماغية التى يصدرها المخ أثناء النوم، فوجد أن موجات الدماغ حين اذ تكون هادئة و ارتفاع الموجة كبير لكن المفاجأة أن حالة المخ هذه تتبدل فى لحظة واحدة لتصبح الموجات الدماغية سريعة و ارتفاع الموجة صغير و فى هذه الحالة الدماغية يبدو الشخص و كأنه مستيقظ برغم من أنه يغط فى نوم عميق!! و من ذلك استنتج ناثانيل أن المخ يتبدل حاله و كأنه يخوض مراحل مختلفة أثناء النوم عرفت فيما بعد بإسم "مراحل النوم Sleeping Stages". كما لاحظ كلايتمن أن عين الشخص النائم تطرف و تتحرك أسفل الجفن حركة سريعة و من هنا أطلق عليه "نوم حركة العين السريعة Rabid Eye Motion Sleep " أو "نوم الريم REM Sleep" .


مراحل النوم المختلفة

أكد كلايتمن انه عند ايقاظ الشخص النائم اثناء مرحلة" الريم" فسوف يخبرك أنه كان يحلم لتوه حين قمت أنت بإيقاظه. الامر المثير للدهشة أيضا أنه بينما يكون مخك و عينك فى حالة كبيرة من النشاط و الحيوية أثناء مرحلة "الريم" ،فى المقابل يدخل جسدك فى حالة عميقة من الاسترخاء و الهدوء و يصل معدل انقباض عضلاتك الى الصفر أى أنك تصبح مشلول فعليا!!

ماذا تفعل اثناء حلمك؟

بذلك يكون كلايتمن قد كشف أسرار خطيرة عن عالم الاحلام الا ان أبحاث العلماء لم تتوقف عند هذا الحد لأن كلايتمن لم يجيب عن سؤال غاية فى الاهمية ما الذى يواجهه الحالم أثناء نومه؟ ما هى الانشطة التى يقوم بها اثناء الحلم؟ لذا من أجل الاجابة عن هذا التساؤل أجرى العلماء تجاربهم على حيوانات مثل القطط و الكلاب ،فقاموا باجراء عملية جراحية على دماغ قطة و أزالوا الجزء المسئول عن شل حركة الجسم أثناء النوم و من ثم وضعوا هذه القطة تحت الملاحظة اثناء نومها. ما أن دخلت القطة الى مرحلة "الريم" حتى بدأت فى الحركة و مطاردة فرائس غير موجودة و قامت بالجرى هنا و هناك أى أنها كانت تقوم بأنشطة عادية كالتى تقوم بها أثناء يقظتها بإستثناء انها فى هذه الحالة نائمة و تحلم.


القطة النائمة تحت الملاحظة

و من ذلك استنتج العلماء ان الحالم يقوم بأنشطة عادية كالتى يقوم بها فى يقظته و لكن بما أن تجربة كهذه لم تكن محل تطبيق فى حالة البشر فلجأ العلماء الى استغلال مرض عصبى معروف بإسم" داء نوم حركة العين السريعة" أو "إضطراب نوم الريم
REM Sleep Disorder"، المصابين بهذا المرض يكونون نشيطين للغاية اثناء نومهم فى مرحلة الريم يقومون بالرفس و التلويح و اللكم و الضرب، كل هذا و هم غارقين تماما فى النوم غير مدركين لأفعالهم ،الا ان أفعالهم هذه هى الدليل على ما يحلمون به و ما يمرون به اثناء نومهم و هو كذلك انعكاسا لما يواجهون فى حياتهم اليومية و الانشطة التى قد يقومون بها فى الاغلب.


إضطراب نوم الريم

إضطراب "نوم الريم" يحدث كنتيجة لتلف جزء فى جزع المخ ،هذا الجزء هو المسئول عن شل حركة الجسم اثناء مرحلة الريم.مع مرور الوقت يصبح هذا المرض خطرا اذ تزداد اعراضه حده و قد يؤذى المريض نفسه و من حوله بالاضافة الى ان أعراضه هذه ما هى الا بوادر الاصابة بداء"باركينسون".

أحلامك و حالتك النفسية

لمزيد من التقصى عن عالم الاحلام كان لابد من معرفة كيف يكون تأثيرها على الحالة النفسية و العقلية للشخص الحالم . المعروف ان الشخص النائم يتنقل بين مراحل النوم المختلفة اذ كل مرحلة تستغرق نحو 90 دقيقة،يبدأها النائم بمرحلتين من النوم العميق و من ثم الانتقال على مرحلة "نوم الريم REM Sleep" ثم يتحول الى مرحلة "نوم اللاريم Non REM Sleep" و يظل يتنقل بين هاتين المرحلتين-الريم و اللاريم- طوال فترة نومه.لطالما أعتقد العلماء أن مرحلة "نوم اللاريم" هذه ،مرحلة ليست ذات أهمية للنائم كما أنه لا يمر خلالها بأى أحلام. وجدت الدراسات الحديثة أن مرحلة "نوم اللاريم" ليست كما كان يعتقد عنها سابقا و أن الريم و اللاريم عالمين مختلفين تماما.


عوالم نوم الريم و اللاريم

على ضوء هذه النتائج تقوم الباحثة الطبيبة "ايريكا هاريس" تحت اشراف البروفيسور" باتريك ماكنيمارا"، بإجراء تجاربها على شخص نائم حيث تسجل موجاته الدماغية لتحديد مراحل نومه المختلفة، فتقوم بايقاظه خلال مراحلتى الريم و اللاريم من أجل ملاحظة أنفعالاته و حالته النفسية و العقلية بعد كل مرحلة،و ذلك عن طريق استبيان يحتوى على كلمات غير مكتملة و على الشخص محل التجربة أن يقوم باكمال فراغ كل كلمة حسب منظوره و حالته النفسية الحالية.جاءت نتائج هذا الاستبيان مذهلة، حينما استيقظ الشخص من مرحلة نوم اللاريم ،قام بتكوين كلمات ايجابية تدل على حالة نفسية مستقرة و مشاعر ايجابية بينما فى مرحلة نوم الريم قام الشخص بتكوين بعض الكلمات السلبية مما يدل على أنه خلال فترة نوم الريم يمر النائم فى حلمه بمشاعر سلبية .

الشخص النائم تحت التجربة


الموجات الدماغية للشخص النائم

يرجع بروفيسور ماكنيمارا هذه المشاعر الى ان المنطقة الدماغية المسئولة عن المشاعر السلبية كالخوف و القلق تكون نشطة فى المخ اثناء مرحلة نوم الريم . يعتقد الاطباء أن حالات الاكتئاب لدى بعض الاشخاص تكون نتيجة أنهم اثناء نومهم يدخلون مباشرة فى مرحلة نوم الريم و يبقون فيها لفترات طويلة مما يشحنهم بمزيد من المخاوف و القلق و المشاعر السلبية فتزيد حالتهم سوءا و اكتئابا ،على عكس الاشخاص الطبيعين الذين يدخلوا فى مرحلة ريم و يتحولون بين الريم و اللاريم لفترات متوازنة دون الاضرار بحالتهم النفسية.

حياة بدون أحلام

لمعرفة تأثير احلامنا على حياتنا أثناء اليقظة، فلابد أولا من معرفة شكل حياة أولئك الذين لا يحلمون!! قد يعتقد البعض انهم لا يحلمون على الاطلاق و يكادوا يقسموا لك أنهم لا يروا أحلام أثناء نومهم و لكن الحقيقة فى واقع الامر أنك تحلم بالفعل و لكنك لا تتذكر أبدا. هيذر جونز ليست من أولئك الذين يقسمون باطلا أنهم لا يروا أحلام أثناء نومهم و ذلك لأنها لا تحلم فعلا!! تعرضت هيذر إلى جلطة فى المخ ، و فى الايام التى تلت اصابتها أقرت جونز انها لم تكن ترى أحلاما على الاطلاق. الجلطة التى تعرضت لها جونز أثرت على جزء فى المخ معروف بإسم "الفص الجدارى" و يعتقد الباحثين أن هذا الجزء من المخ هو المسئول عن صنع أحلامنا.



أثرت هذه الحالة على جونز بالسلب لأنها لم تعد تنعم بفترات متواصلة من النوم كما أعتادت فى السابق و عندما تستيقظ من نومها تشعر بالتعب و الارهاق و عدم نومها لفترة كافية. دكتور"مارك سولمز" المسئول عن حالة هيذر جونز و غيرها من هؤلاء الذين لا يحلمون ،يعتقد أن هناك علاقة وثيقة بين حالة النوم و عدم الحلم. يقول سولمز أن المريض الذى لا يحلم يدخل مباشرة فى النوم دون أى مشكلة و لكنه لا يلبث أن ينام حتى يستيقظ مجددا أثناء النوم ثم يعود لينام مرة أخرى و هكذا دواليك، فقط يحصل على النوم لفترات متقطعة.يعتقد دكتور سولمز أن المريض يستيقظ غالبا فى فترة نوم الريم وقتما يفترض له أن يرى أحلاما. لذلك قد تمثل الاحلام سبب قوى لنا حتى نظل نائمين و نتمتع بفترات نوم هادئة بدون استيقاظ. بعد فترة من العلاج ،عادت هيذر ترى أحلاما أثناء نومها و عادت لتحظى بنوم هادئ مرة أخرى.

يحاول دكتور سولمز من خلال أبحاثه أن يجيب عن سؤال"لماذا نحلم؟"، فيجيب بأن المراكز الحثية فى المخ تكون نشطة جدا أثناء الحلم، فمن خلال أحلامنا نحن فى عملية بحث دائم عن شئ ما فربما هذا البحث يمثل فى عالمنا الواقعى ،البحث عن اجابات، فأغلب أوقاتنا يشغل بالنا شئ ما أو مشكلة ما نبحث لها عن حل و هذا هو ما يتمثل فى عملية البحث أثناء الحلم.
.
.
.

لم ينتهى حديثنا بعد...

فى الجزء الثانى من موضوعنا"لماذا نحلم؟":

ما هو معنى الأحلام؟

أحلام غيرت العالم

كوابيس ليلية

الحلم الجلى

الى ذلك الحين...تحياتى

هناك 18 تعليقًا:

  1. حلو حوار القطة ده
    :D :D
    بس هوه كده مش ممكن حد يستخدمه في الشر ؟؟؟
    لو شال الجزء المسؤل عن شل حركة الجسم من الإنسان يقدر يخليه آله مدمرة بس يتحكم في الأحلام اللي الإنسان ده هيحلمها
    سرحت بزيادة انا
    :D :D
    موضوع جامد جداو ممتع
    يللا نزلي الجزء التاني بسرعة بقي
    :D

    ردحذف
  2. شيق جدا جدا
    انا استفدت كتير اوى
    جزاك الله خيــــــــــرا
    ...

    ردحذف
  3. @ahmed:
    ده كده هيبقى فيلم أجنبى
    ان شاء الله الجزء التانى هيبقى قريب
    :D

    @abdullah:

    يسعدنى انك استفدت يا عبد الله
    ان شاء الله تستفيد من الجزء التانى
    :)

    ردحذف
  4. مع نفسك والله شي جديد فهمت اكيد مافية احد مايعرف خلوا عنكم الغباء والله غبااااااااااااااااااااااااااااء

    ردحذف
  5. على زقااااااااااااااااااان

    ردحذف
  6. مجهود يحترم
    خالص تقدير لتعبك ووقتك
    شكرا :)

    ردحذف

الصفحات