الخميس، 30 ديسمبر 2010

ما لا تعرفه عن الخلايا الجذعية -1-


اذا كان الانسان يعانى من أحد الأمراض المزمنة التى و بكل أسف لا علاج منها كالفشل الكلوى أو الكبدى ، مرض السكرى أو تلف أحد صمامات القلب ،من هنا يعلن الكبد خروجه عن الخدمة و تندد الكلى مطالبة بالتغيير، فلا يكون هناك بديل صحى و مضمون سوى عمليات زرع الاعضاء و هنا تكمن المشكلة.عمليات زرع الاعضاء فى حد ذاتها مشكلة معقدة بداية من ايجاد متبرع تنطبق عليه متطلبات التبرع الى أحتمالية رفض الجسم للعضو المنقول إليه.

على الرغم من أن عمليات زراعة الاعضاء هى الحل الامثل فى نظر العامة الا ان اتخاذ قرار الزرع ليس هو النهاية السعيدة لرحلة عذاب المريض . اذا تقرر زرع عضو ما فى جسم المريض لابد أولا أن يوضع على قائمة انتظار طويلة لا يعلم متى يحين دوره فيها فهناك غيره المئات الذين ينتظروا توفر نفس العضو هذا بخلاف الضوابط الاخلاقية و الدينية اتى تضعها بعض الدول حتى الان على شرعية عمليات زرع الاعضاء مما يزيد الامور تعقيدا و من ثم موت المريض لا محالة. حتى و اذا توفر عضو جاهز للزرع فمازالت هناك العديد من القيود التى تفرضها زرعة عضو غريب فى جسم المريض. بعد عملية الزرع يبدأ الجسم فى ادراك وجود عضو غريب فيعطى أوامره للجهاز المناعى بأن يهاجم العضو الغريب و يقضى عليه. ما أن يتلقى الجهاز المناعى الامر يطلق الاجسام المناعية التى تتعامل مع هذا العضو البرئ على أنه بكتريا ضارة أو فيروس قاتل فتقاتله بضراوة. و من هنا يبدأ الاطباء فى الخطة الدفاعية الا و هى استخدام مثبطات للجهاز المناعى و التى بدورها توقفه عن العمل ليعود الى ثباته العميق حتى اذا ما تعود الجسم على عضوه الجديد وما أن تعقد معاهدات السلام ما بين العضو الجديد و الجهاز المناعى يوقف الاطباء هذه المثبطات. هل تظن أن هذه هى النهاية؟ لا أنها مجرد بداية...قد يبدأ العضو بالعمل بهمة و نشاط كأنه جديد و لكن يبدأ هذا النشاط بالتدهور على المدى الطويل و تسقط معاهدات السلام ما بين العضو المزروع و الجهاز المناعى و تنتهى هذه الحرب الطاحنة بخسائر فادحة تودى فى النهاية بحياة المريض.كان لابد من أيجاد حل لوقف معاناة المريض و ايجاد سبيل لحل المشكلة من جذورها، قد يكون الحل مازال قيد التطوير الا انه يحمل فى طياته الامل فى العلاج..."الخلايا الجذعية".

قد ينصب على رؤسنا الان وابل من الاسئلة :من أين تأتى هذه الخلايا السحرية و ما الذى يميزها عن غيرها من الخلايا ؟و لما كل هذا الاهتمام العجيب بها؟ أقول مهلا سوف نجيب عن الاسئلة تباعا. أولا من أين تأتى الخلايا الجذعية؟ سوف أخبرك فتندهش أنك انت نفسك كنت عبارة عن مجموعة من الخلايا الجذعية عند عمر 5 ايام داخل رحم أمك!!نعم فى بداية حياتك كجنين تكون عبارة عن كتلة صغيرة من الخلايا الجذعية غير محدد المعالم فلا نستطيع أن نشير الى أعضائك فنقول هذا قلبك و هذه عينك و هذا لسانك و هكذا و لكن ما يتكون لك من أعضاء فيما بعد فالفضل فيه يرجع الى الخلايا الجذعية فهى التى تتحور و تتحول الى كل انواع الخلايا و الاعضاء فى جسدك . و بما ان هذه الخلايا العجيبة تنشأ فى الجنين فإننا نطلق عليها اسم "الخلايا الجذعية الجنينية" .

خلايا جذعية جنينية



يأتينا سؤال غاضب من بعيد: هل هذا ما تطلقون عليه خلايا جذعية؟ و ماذا فى ذلك فقد خرجت من رحم أمى و ما عادت الخلايا الجذعية تنفعنى بشئ؟ تمهل قليلا ....ما زالت الخلايا الجذعية جزء لا يتجزأ من خلاياك و هذا ليس لأنها أصل نشأتك فى الاساس فحسب و لكن لأنه ما زال بعضها موجود بالفعل فى جميع أنحاء جسمك!! و لكن فى هذه الحالة نطلق عليها اسم "الخلايا الجذعية البالغة" و توجد هذه الخلايا فى المخ و العظام و العضلات و الجلد و حتى فى لبن الام !! تكمن أهمية الخلايا الجذعية البالغة فى قادرتها على تجديد الخلايا التالفة فى العضو مكان منشأ الخلية أى أن الخلايا الجذعية المتواجدة فى الكبد فقط تقوم على خدمة الكبد و تجديد خلاياه و كذلك الخلايا الجذعية بالبنكرياس أو الكلى و هكذا بالنسبة لكل عضو و نلاحظ دور الخلايا الجذعية جليا فى حالة التعرض للجروح أو القطوع فى الجلد فتنطلق الخلايا الجذعية لتقوم بترميم القطع و أصلاح التلف .




ملحوظة: نخاع العظم هو العضو المسئول عن إنتاج خلايا الدم الحمراء فى الجسم، و المسئولة عن حمل غازى الأكسجين و ثانى أكسيد الكربون فى الدم

اذا تكلمنا عن مزيا الخلايا الجذعية فإننا نشير الى ميزتين سحريتين هما "التكاثر" و "التمايز". الصفة السحرية الاولى هى أن الخلية الجذعية الواحدة قادرة على ان تتكاثر و تكرر نفسها مكونة نسخا منها مشابهة لها تماما و تتمتع بنفس خصائص الخلية الاصلية. و بعد قدرتها على التكاثر تأتى الميزة السحرية الثانية " التمايز". لكى نفهم معنى التمايز لابد أن نعلم أولا أن الخلايا الجذعية هى خلايا غير متخصصة بمعنى أنها لا تنتمى الى اى نوع معروف من الخلايا فهى ليست خلايا جلدية أو خلايا عصبية فى المخ هى فقط مثل المادة الخام ليست لها خصائص محددة أو دور معروف . فعندما نقول ان الخلايا الجذعية تتمايز فأننا نعنى بذلك انها تتخصص لتصبح أحد أنواع الخلايا المعروفة فأنها تتحول الى خلايا كبدية أو عظمية و هكذا و هنا تتجلى قدرة الله تعالى فى خلقه حيث يبدأ جسمك بمجموعة من الخلايا الجذعية الغير متخصصة ثم تبدأ فى التخصص الى أعضاء الجسم المختلفة كل عضو له دوره و كل خلية لها وظيفتها.

نكتفى بهذا القدر، و نكمل باقى الموضوع غداً...لنتعرف على أهمية الخلايا الجذعية و إستخدماتها الهائلة فى مجال الطب و العلاج.

الأحد، 19 ديسمبر 2010

السحر و خداع الدماغ - الجزء الثالث

فى الجزء الثانى من الموضوع تناولنا تقنيات الخداع الإدراكى كالتشتيت الخفى و الصريح ذلك إعتمادا على ثغرات فى المخ مثل عمى التغيير و العمى الغير مقصود و أغلب الخدع السحرية تعتمد على هاتين الثغرتين. هناك تقنية أخرى نضمها للقائمة السابقة سوف نتعرف عليها فى الجزء الثالث و الأخير و سوف نتعرف على الأبحاث "السحرية" فى مجال علم النفس و الأعصاب.




خداع للعقل أم خداع للعين

كان العلماء بحاجة ماسة إلى معرفة آليات المخ و الإدراك وراء الخدع السحرية لكى تنجح. كانت اول الدراسات فى هذا المجال عام 2005 بواسطة الباحثين "جوستاف كون" و "بينجامين تاتلر". أحد خطوات تجربة الباحثين كون و تاتلر ،القيام بعرض خدعة سحرية على الأشخاص محل التجربة بينما يتم ملاحظة و قياس حركة العينين. قام "كون" بعرض خدعة سحرية بإخفاء سيجارة خلف المنضدة و كان الهدف من الخدعة الإجابة عن سؤال و هو: هل السبب وراء عدم فهم المشاهد للحيلة وراء الخدعة ، هو أنه لم يكن ينظر فى المكان المناسب فى الوقت المناسب أم أنه لم يكن حاضر الذهن بغض النظر عن إتجاه عينيه؟ و كانت الإجابة واضحة: لا فارق أين ينظر المشاهد فهو لن يرى الخدعة مهما حدث!! بحث علمى أخر أجرى لنفس الهدف لكن بإستخدام خدعة أخرى " الكرة المختفية" و التى تعطى دليل أخر على أن الساحر قادر على خداع المشاهد على مستوى إدراكى عالى و أن إتجاه عين المشاهد غير هام لإحداث التأثير المطلوب. فى خدعة الكرة المختفية ، يمسك الساحر بكرة فى يده فيرميها ثم يلتقطها عدة مرات متتالية و فى أخر مرة يتظاهر أنه فى سوف يلقى بها فى الهواء و إذا بها تختفى فجأة!! تكمن الخدعة وراء حركة عين الساحر و رأسه نفسه إذا ان مسار عينه و حركة رأسه يتبع مسار حركة الكرة و فى أخر مرة يتظاهر بإلقاء الكرة ، يرى المشاهد حركة عينيه تتبع مسار الكرة و كأنه ألقى بها فعلا فى الهواء و لكنه لم يفعل فى الحقيقة بل أخفاها فى يده ، فتبدو الخدعة و كأن الكرة خرجت من يد الساحرثم إختفت فى الهواء! بعد سنة من بحثه مع "تاتلر" تعاون "كون" مع عالم الاعصاب "مايكل لاند" ليكتشفا سويا أن المُشاهد لم يكن ينظر إلى المكان الذى إدعى إختفاء الكرة فيه بل أن حركة عين و رأس الساحر مع الكرة كان ضروريا لإتمام الخدعة، لأنها تعمل كنوع من "تشتيت الإنتباه الخفى" بأنه حوّل "إدراك" المشاهد و ليس "العينين" إلى المكان الذى من المفترض أن تتواجد الكرة فيه. على مستوى خلايا المخ ، وجد "كون" و"لاند" ان الخلايا العصبية التى إستجابت إلى "الحركة الضمنية" للكرة بناءا على مسار حركة عين الساحر و رأسه و التى أعطت توقع بحركة الكرة فى الهواء رغم أنها لم تحدث، تقع فى نفس المنطقة فى المخ حيث تتواجد الخلايا العصبية البصرية التى تنشط فى حالة إدراك "الحركة الحقيقة". فإذا كانت كلتا الحركة الضمنية و الحقيقة تنشط نفس الوصلات العصبية، فلا شك بأن تبدو الخدعة حقيقية تماما.
"عمى التغيير" و "العمى الغير مقصود" ليست الخدع الإدراكية الوحيدة فى جعبة الساحر بل هناك أيضا " الإعلام الحركى" و فيه يقوم الساحر بحركة قد تبدو تلقائية مثل حك الرأس باليد ، تعديل الملابس أو القبعة ، و لكن الساحر فى هذه الحالات لم يكن يضمر النية الحسنة بل هى جزء لا يتجزأ من الخدعة ، و هذه الطريقة أفضل من القيام بحركة غير منطقية مثل أن يرفع الساحر يده بدون سبب معين يثير الشك لدى الجمهور.

نرى مثال واضح لأساليب "تشتيت الإنتباه الخفى" و "الإعلام الحركى" فى هذا الفيديو للساحرين الشهيرين "بين" و "تيلر"، تابع كل حركة بهدوء و فى جميع الحالات سوف تنخدع بسهولة!



يسرد "بين" فى الفيديو السابق السبعة حيل الأساسية للخدع السحرية بينما يقوم بها تيلر عمليا و هى:

1-أخفى فى راحة اليد: و هو أن تبدو بأنك ممسك بشئ فى يدك برغم من أنها فارغة أو تمسك بشئ فى يدك مع إبداء أنها فارغة (حينما أبدى تيلر بأنه ممسك بالكرة فى يده اليسرى و وضعها فى جيبه على الرغم من أنها موجودة فعليا فى يده اليمنى).

2-التخبئة: و هو أن تخبئ الجسم الذى تمسكه فى يدك بحركة خاطفة دون أن يستطيع أحد الملاحظة (عندما قام تيلر بإمساك السيجارة بيده يمنى التى يمسك بها الكرة، و يعدل هندامه بيده اليسرى ليلتقط الكره سراً داخل ملابسه و هى أحد أساليب الإعلام الحركى).

3-السرقة: إسرق الشئ الذى قد تحتاجه سرا ( أخذ تيلر الكره المخبئة تحت ملابسه بيده اليسرى بينما يقوم بتعديل ملابسه و هو إسلوب أخر للإعلام الحركى).

4-الإمساك: إمسك بالجسم الذى تحتاجه باليد المناسبة ( قام تيلر بتعديل أكمام سترته و بدل مكان الكرة سرا من يده اليسرى إلى يده اليمنى دون ملاحظة الجمهور و هو إعلام حركى مرة أخرى).

5-التظاهر: التظاهر بأن شئ لم يحدث قد حدث بالفعل (عندما تظاهر تيلر بوقفة متباهية واضعا يده اليمنى على صدره و يده اليسرى خلف سترته ثم امسك الكرة بيده الفارغة ظاهريا فهى لم تكن فارغة بالفعل بل تحمل ليمونة صفراء كانت مخبأة خلف سترته و أمسكها عندما تظاهر بوقفته المتباهية تلك).

6-تشتيت الإنتباه: بصرف إنتباه الجمهور عن الخدعة ( أشار تيلر بيده لينظر الجمهور بعيدا إلى حيث يشير فيتشتت إنتباههم عن الخطوة القادمة و هو أسلوب "التشتيت الصريح").

7-التبديل: بعد تشتيت الإنتباه قم بتبديل الجسم الأصلى (التى هى الكرة ) بالجسم الذى لم يره الجمهور بعد (الليمونة الصفراء) فيبدو و كأن الكرة قد تحولت سحريا إلى ليمونة !

شاهد الفيديو مرة أخرى بتركيز أكبر لتدرك كل خدعة على حدى، و لترى كيف قام تيلر بتطبيق السبعة خطوات فى خدعته الأساسية الخاصة بالسيجارة.

الأبحاث "السحرية"

تهدف بعض الأبحاث العلمية على إجابة بعض الأسئلة الخاصة بالأساليب الإدراكية و العقلية و ذلك عن طريق إستخدام الخدع السحرية كوسيلة لا أكثر. قام عالمى النفس "بيتر جونسون" و "لارز هول" بتجربة بحثية، يقوم خلالها المراقب بعرض صورتين لوجهين مختلفين على مجموعة من الأشخاص ، و طلب من كل شخص منهم أن يحدد أيهما أكثر جاذبية. و بعد أن يحدد كل شخص إختياره ، يقوم المراقب بخدعة "التبديل" فيقوم بتبديل الصورة التى إختارها الشخص بالصورة الأخرى، و يعرضها عليه و يطلب منه أن يبرر إختياره لهذه الصورة.

وٌجد أن 26% فقط من الأشخاص أدركوا تغيير الصورة، أما النسبة الغالبة من الأشخاص لم يدركوا تغيير الصورة و بدءوا فى تبرير إختيارهم بناءا على الصورة الواقعة أمامهم على الرغم من كونها ليست من "إختيارهم" و هو ما يطلق عليه "عمى الإختيار". كان الهدف من التجربة دراسة الكيفية التى يبرر بها الإنسان إختيارات و قرراته فى الحياة.
لم تتوقف محاولات إستخدام الحيل السحرية فى الأبحاث العلمية عن هذا الحد، فالمناطق المخية التى ترتبط بأنشطة إدراكية معينة لا تعد و لا تحصى و يمكن إستكشافها عن طريق ....السحر.

إمكانيات إستخدام السحر كمصدر للأوهام الإدراكية للمساعدة لإستكشاف الوصلات العصبية المسئولة عن المهام الإدراكية المختلفة تبدو بلا حدود. قام علماء الأعصاب بإستعارة بعض الحيل السحرية لجعل أشخاص تحت الدراسة القيام بعملية ربط إدراكى غير صحيحة بين حدثين على أنهما "السبب و النتيجة" ، مع التصوير بالرنين المغناطيسى لمخ كل شخص. لنفترض وقوع حدث "أ" و حدث"ب" ، و أن الحدث "أ" قد سبق الحدث"ب" فى الوقوع، فإن الإستنتاج الإدراكى الطبيعى للمخ يكون بإن الحدث "أ" لابد و أن يكون هو "السبب" فى وقوع الحدث "ب" أى أنه "النتيجة".و قد إستغلت هذا المبدأ الإدراكى للقيام بحيلة سحرية بحثية مثل خدعة إختفاء الكرة،بصب الماء عليها مثلا(الحدث "أ") فيجعلها تختفى(الحدث "ب") ! بالطبع صب الماء لا يجعل الكرة تختفى و لكنه حدث هام ليبدو و كأنه السبب فى جعل الكرة تختفى فعلا. فى تجربة قام بها "كون" و "بين باريس" و "تيم هودجسون" ،تم تقسيم الأشخاص تحت التجربة إلى مجموعتين .شاهد الأشخاص فى المجموعة الاولى تسجيل فيديو لخدع سحرية تخالف قانون "السبب و النتيجة" و فيها قام الساحر بإخفاء الكرة بحيلة سحرية عن طريق حدث لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يكون هو السبب فى إختفاء الكرة ،لذا من الطبيعى ان نطلق عليه سحرا!

أما المجموعة الثانية فقد شاهدت نفس التسجيلات و لكن مع فارق أن قانون السبب و النتيجة لم يتم إختراقه اى ان الكرة لم تختفى لأن الحدث السابق لم يكن ليؤدى إلى إختفاءها و هذا طبيعى جدا فهو لم يكن سحرا!


فى كلا الحالتين السابقتين تم التقاط صور لمخ الأشخاص تحت التجربة و لوحظ نشاط زائد فى منطقة فى المخ معروفة بإسم القشرة الحزامية الامامية فى الأشخاص الذين شاهدو الخدعة السحرية عن الأشخاص الذين شاهدوا المشاهد العادية، لذا فيعتقد أن هذه المنطقة من المخ ذات دورهام فى تحليل العلاقات المنطقية بين الأشياء و الأحداث لمختلفة فى حياتنا.


كم نستمتع عندما نرى الخدع السحرية و كم ننبهر بها و نعشقها برغم من عدم فهمنا لها و ذلك لأن الإنسان بطبيعته يعشق الغموض و ما ان يرى شئ غريب حتى يطلق عليه "سحر". من جانب آخر فهو وسيلة فعالة لإستكشاف الوظائف الإدراكية المختلفة فى مخ الإنسان لذا و لكى نفك طلاسم المخ ....لابد و أن نستخدم طلاسم السحر.

إنتهى الجزء الثالث و الاخير من موضوع السحر و خداع الدماغ، و نرحب بتعليقاتكم.

السبت، 18 ديسمبر 2010

السحر و خداع الدماغ-الجزء الثانى

علمنا فى الجزء الأول كيف أن ليس كل ما تراه العين يكون صحيح، لأن المخ هو المتحكم الكلى فى العملية الإبصارية و هو مانطلق عليه الخداع البصرى و فيه يمكنك أن ترى الملعقة تنثنى بمجرد النظر إليها أو ثوب يتغير لونه من الأبيض للأحمر فى طرفة عين،و لكن ماذا إذا كان الخداع يتم على مستوى أعمق بكثير ...من داخل المخ ذاته فى خداع من نوع خاص جدا....الخداع الإدراكى.


الخداع الإدراكى

يستخدم الساحر فى هذا النوع من الخداع ما يعرف بإسم"تشتيت الإنتباه"، بمعنى أنه يوجه إدراك المشاهد إلى إتجاه أخر حتى يدارى حيلته فلا يفهمها الجمهور. إذن فتشتيت الإنتباه يقوم على جذب إنتباه المشاهد بعيدا عن الإسلوب(السر وراء الحيلة) و توجيهه إلى الحيلة ذاتها . و أسلوب تشتيت الإنتباه يقوم على طريقتين إما "التشتيت الخفى" أو "التشتيت الصريح". فى تشتيت الإنتباه الصريح يقوم الساحر بتحويل نظر المشاهد بعيدا عن الإسلوب ، مثل أن يقول الساحر للجمهور "إنظروا إلى يدى أو إنظروا داخل القبعة"، إذن هو يقولها علانية للجمهور . أما تشتيت الإنتباه الخفى فيقوم على جذب إنتباه المشاهد بعيدا عن الإسلوب و بدون تحويل نظره! و هنا تكمن المهارة، فى أن الخدعة تتم أمام أعين الجمهور مباشرة و بدون حواجز إلا أن إدراكهم يكون فى إتجاه أخر تماما فلا يستطيعوا رؤية الحيلة. يرى المجتمع السحرى أن "تشتيت الإنتباه الخفى" هو الطريق الأرقى فى تشتيت الإنتباه، تشتيت الإنتباه الخفى هو أحد النماذج الإدراكية الشهيرة فى علم الأعصاب و المعروفة بإسم" عمى التغيير" و "العمى الغير مقصود".

عمى التغيير

لكى ندرك مفهوم عمى التغيير لابد و أن نشاهد اولا حيلة تغيير لون أوراق الكوتشينة



فى حالات "عمى التغيير" لا يستطيع المشاهد أن يميز التغيرات الحادثة أمامه مباشرة، سواء أكان هذا التغيير مقصود أو غير مقصود.مفتاح الحل هنا أن يقارن بين المشهد قبل التغيير و المشهد بعد التغيير حتى يدرك حدوث تغيير فعلا! مثلما رأينا فى حيلة تغيير لون ورقة الكوتشينة، لم يكن المقصود من الحيلة تغيير لون الورقة،بل تشتيت إنتباهك بأن تركز إدراكك بالكامل على ورق الكوتشينة و لا تنتبه للتغيرات الجذرية التى تحدث فى المشهد خلف الحيلة مباشرة! أشارت الدراسات إلى أن التغيرات الواضحة فى المشهد لا يمكن أن تلاحظ أذا تمت أثناء رمش العين أو حركتها اللاإرادية ، و كذلك أيضا أذا تمت هذه التغيرات بشكل تدريجى.

تطبيق آخر على حالة "عمى التغيير" لدينا الآن خدعة معروفة بإسم: هل نستطيع قراءة عقلك؟

هذا ما سوف نعرفه الآن. أنظر إلى مجموعة أوراق الكوتشينة التالية و أختر منهم ورقة واحدة فقط و تذكرها جيدا


نحن الآن على إستعداد تمام لتوقع الورقة التى إخترتها بنسبة دقة تصل إلى 98% ، تذكر الورقة و أنطق إسمها بصوت مسموع عدة مرات كى لا تنساه... هل أنت مستعد؟
الآن إضغط على العين السحرية هذه لكى تعرف توقُعنا للورقة التى إخترتها و حفظتها....


العمى الغير مقصود

فلننتقل الآن إلى حالة"العمى الغير مقصود" ، و نبدأ أولا بالتركيز فى الفيديو القادم، و محاولة معرفة عدد المرات التى إنتقلت فيها كرة السلة بين الأشخاص الذين يرتدون الملابس البيضاء.



إذن هل لاحظت الغوريلا فى الفيديو السابق؟ معظم من يشاهدون هذا المقطع يركزون تماما على مهمة العد المطلوبة و تركيز الإهتمام من أجل عدم خلط عملية عد كرات الفريق الأبيض مع كرات الفريق الأسود، و لا ينتبهوا على الإطلاق للشخص الذى يرتدى زى الغوريلا ،بينما تمر و تقف فى منتصف المشهد تماما بل و تضرب على صدرها بقبضتيها ثم ترحل تاركة المشاهد مازال يعد الكرات!
هذا ما يطلق عليه "العمى الغير مقصود" حيث يفشل الجمهور فى رؤية جسم واضح فى المشهد رغم أنه مرئى تماما. فى هذه الحالة لا يحتاج المشاهد إلى مقارنة هذا المشهد بالسابق لأن الشئ محل الإهتمام واضح تماما إلا أنه عجز عن رؤيته. الأبحاث المبنية على تجربة "الغوريلا" هذه أشارت إلى أن بيانات التتبع البصري للأشخاص تحت التجربة، أوضحت أنهم كانوا ينظرون إلى الغوريلا مباشرة إلا انهم لم يعوا وجودها!

من أجل التطبيق على خدعة سحرية حقيقة لحالة العمى الغير مقصود و مفهوم التشتيت الذهنى نعرض خدعة العملات المعدنية التى يقوم بها الساحر المشهور "تيلر".يعتمد تيلر على تشتيت الإنتباه و خفة اليد ليعرض هذه الخدعة المعروفة بإسم "حلم الرجل البخيل"! يبدأ تيلر الخدعة ممسكا بعدد 6 من العملات المعدنية المخفيه بيده اليمنى بينما يحمل بيده اليسرى دلو معدني، فى الحقيقة يحتفظ تيلر يده اليسرى الممسكة بالدلو عدد 6 من العملات المعدنية مماثلة لتلك التى فى يده اليمنى ، ثم يبدأ خدعته متظاهرا بجلب العملات من الهواء أو من أى شئ يستطيع أن تصل إليه يده ، من شعره ، و من ملابسه، أو من أذن أحد الجمهور ثم يضع كل عملة جديدة فى القبعة بصوت مسموع داخل القبعة .

فى البداية يرينا تيلر الدلو الفارغ و يبدأ بجلب العملات المخبئة سلفا داخل يده و لا يراها الجمهور

عن طريق توجيه تيلر لنظره نحو يده اليمنى هو بذلك يقوم بتشتيت خفى للجمهور، إذن بطريقة لاشعورية ركز الجمهور بصرهم على يد تيلر اليمنى فى حين تحقق هدف تيلر بتشتيت الجمهور عن يده اليسرى التى تحمل الدلو و التى يسقط بها العملات المعدنية التى لا يراها الجمهور من يده اليسرى

فى الحقيقة تيلر فى كل مرة يخرج نفس العملة من يده اليمنى بينما ما زالت باقى العملات محتفظ بها فى يده اليمنى و مستمر فى إسقاط العملات الأخرى التى فى يده اليسرى الواحد تلو الأخر مصدرا صوت مميز فى قاع الدلو فيظن الجمهور أن ما أسقط فى الدلو هى العملة التى فى يده اليمنى

حينما يبدأ الجمهور بالشك فى تيلر و أن العملات مخبأة سلفا فى يده اليمنى ، يقوم تيلر ببساطة بإسقاط 5 من العملات التى يحملها فى يده اليمنى فى حركة واحدة و هو ما يدهش الجمهور لأنه من المستحيل أن يخبأ تيلر 11 عملة ، ال 6 عملات التى إسقطها فرادى بالإضافة لل 5 عملات التى أسقطها بحركة واحدة

يجلب تيلر العملة الأخيرة من الهواء و هى أخر عملة أيضا مخبأة سلفا فى يده اليمنى و التى يظهرها للجمهور ليؤكد على حقيقة أنها فارغة!

و أخيرا يقوم تيلر بهز الدلو ليبين للجمهور ال 11 عملة بداخله فى نفس اللحظة التى يمسك فيها بأخر عملة جلبها من الهواء!

فى الخدعة السابقة نرى تطبيق إسلوب تشتيت الإنتباه بشكل واضح فى حالة من "العمى الغير مقصود" فهو فى هذه الحالة عمى إدراكى عن كون العملات موجودة مسبقاً فى كلتا يده اليمنى و اليسرى و لكن بسبب تشتت الجمهور فى "التركيز" فى شئ أخر و هو التلاعب بجلب العملات من الهواء أو من أى مكان كان أدى إلى حالة "عمى" عن الإسلوب كما ذكرنا سابقا.

إلى هنا إنتهى الجزء الثانى من السحر و خداع العقل و غداً نكمل مع الخدع السحرية الشيقة و كيفية الإستفادة منها فى الدراسات النفسية و العصبية.


الجمعة، 17 ديسمبر 2010

السحر و خداع الدماغ- الجزء الأول


الخدع السحرية...تسحر عقولنا و تخطف أنفاسنا و تلعثم ألسنتنا...ما أن يخرج "الساحر" الأرنب من القبعة "الفارغة" أو "يقسم" مساعدته الحسناء إلى "نصفين" و تظل حية، حتى تلتهب أيدينا من التصفيق الحاد و نخرج من المسرح و نحن موقنون تماما ان ما رأيناه لسحر مبين!!!

لكن ما فعله هذا الساحر و بكل بساطة أنه "خدع" عقلك بطرق شتى و علم جيدا ما هى نقاط ضعف مخك و إستطاع أن يخترقها و بكل سهولة .الساحر هو أستاذ التحكم فى الوعى و الإدراك الإنسانى بل أنه قد يكون بذلك أكثر خبرة و علما من خبراء و علماء المخ و الأعصاب أنفسهم. الساحر يستطيع الخداع عن طريق تقنيات عديدة أشهرها على الإطلاق الخداع البصرى و الخداع الإدراكى، و يشاركهما الشهرة أيضا الخداع الضوئى الذى يتعمد على إستخدام الدخان و المرايا.

الخداع البصرى فى الألعاب السحرية

فى هذا النوع من الخداع، إدراك العقل للمؤثر الخارجى أى الخدعة السحرية يكون مغاير لحقيقتها . تقوم الشبكات العصبية فى المخ بمعالجة المعلومات البصرية الصادرة عن الخدعة السحرية بطريقة تصل بالمشاهد فى نهاية المطاف إلى إدراك خاطئ تماما. و تتعدد الأمثلة على الخداع البصرى فى الألعاب السحرية و سوف نتناول بعضها فى السطور القادمة.

إنثناء الملعقة


فى هذه الخدعة الشهيرة يدّعى "الساحر" قدرته السحرية على ثنى المعلقة فقط بقدراته العقلية بمجرد النظر إليها! حسنا حان وقت كشف الخدعة بالطبع تكون الملعقة مثنية بالفعل و لكن التأثير الدرامى مطلوب فى هذه الخدعة لكى يظهر الساحر و كأنه قد قام بثنى الملعقة بالفعل أمام المشاهد مباشرة. يقوم الساحر بإمساك الملعقة"المنثنية سلفا" بشكل رأسى فى يديه و بالتالى لا يلاحظ المشاهد أنها منثنية بالفعل. ثم يقوم بهز الملعقة إلى الامام و الخلف بحركة سريعة مع تثبيت نظره عليها حتى يخيل للمشاهد أن الملعقة أصبحت لينة عند العنق بل و تذوب و تنثنى فى يده! يمسك الساحر بالمعلقة بشكل أفقى لكى يتسنى للجمهور مشاهدتها منثنية بالفعل و تلتهب أكفهم بالتصفيق إلى هذا الساحر العظيم! دعنا الآن ننظر إلى الخدعة نظرة عقلانية لنعلم أن هذا الساحر إستغل نقطة ضعف فى النظام البصرى لكى يخدع الجمهور. تكمن الخدعة فى أن ردة فعل الخلايا العصبية المسئولة عن ترجمة حركة الأجسام و رؤية حوافها مثل الأركان و نهايات الخطوط، تكون مختلفة عن ردة فعل الخلايا العصبية المسئولة ترجمة الإهتزازات. عدم توافق ردة فعل الخلايا العصبية يؤدى فى النهاية إلى رؤية إنفصال بين نهاية خطوط و حواف المؤثر(الملعقة) و مركزها فتبدو الأجسام الصلبة و كأنها لينة عند منتصفها.




رؤية الأجسام التى تلاشت بالفعل

هذه الخدعة تعتمد على تأثير بصرى محض ، خدعة تغيير لون الثوب. يدخل الساحر المزهو بنفسه مصطحب مساعدته الحسناء التى ترتدى ثوب أبيض اللون. يتحدى الساحر الجمهور بأنه قادر على تغيير لون ثوب مساعدته من الأبيض إلى الأحمر فى طرفة عين! يركز الجمهور ببصره على المساعدة، و يحتفظ بصورة الحسناء ذات الثوب الأبيض على شبكية عينه ، و فى هذه اللحظة يتم تسليط ضوء أحمر قوى على ثوب المساعدة، بالطبع هنا لا تكمن الخدعة و إلا كانت خدعة سمجة، ما حدث حتى الآن أن صورة الحسناء المحفوظة على شبكية عيون الجمهور تبدلت من اللون الأبيض إلى اللون الأحمر فجأة.ينطفأ الضوء الأحمر لثوانى معددوة و تضاء الأنوار العادية و يفاجأ الجمهور بأن الحسناء أصبحت ذات ثوب أحمر بالفعل!! فلننظر إلى الخدعة نظرة العقل مرة أخرى، الخدعة تكمن فى أن المساعدة الحسناء كانت ترتدى الثوب الأحمر بالفعل تحت الفستان الأبيض و كلا الثوبين مصنوع من مادة رقيقة لا تلاحظ و لا يمكن إدراكها!! الهدف من تسليط الضوء الأحمر على الحسناء ذات الثوب الأبيض هو جعل اللون الأحمر هو اللون المنطبع على شبكية المشاهد و عندما تنزع المساعدة الثوب الأبيض و يظهر الرداء الأحمر فلا تميز العين هذه المرحلة الإنتقالية من الأبيض للأحمر لأن اللون الأحمر كان منطبع سلفا فى عيون الجمهور. هذه الظاهرة معروفة بإسم "تأثير ما بعد الصورة" و هو أن الخلايا العصبية البصرية تظل محتفظة بالصورة بعد زوالها لمدة تصل إلى 100 ملى ثانية و هو وقت كافى لكى ينفذ الساحرالخدعة و يتركك فى حيرة! تتكرر خدعة "تأثير ما بعد الصورة" هذه امام اعيننا الآن على شاشة الحاسوب ، إذ ان الصورة المعروضة أمامك على الشاشة الآن ليست ثابتة ، بل هى تومض و تخبو flickr أمام عينيك بصورة متتالية و لكنك لا تلاحظ ذلك لأن الخلايا العصبية تحتفظ بالصور لفترة زمنية تسمح للصورة بأن تومض مرة أخرى دون أن تلاحظ أنت أى تغيير.

إعوجاج الفضاء الثلاثى

إسم غريبة تحمله هذه الفقرة و لكن التسمية تأتى من طبيعة الخدعة.يطلب الساحر من الجمهور أن ينظروا إلى قرص يدور، يحتوى على ثلاث مناطق تتمدد و تتقلص مع دوران القرص حول نفسه مثل هذه الصورة


ثم يعرض على جمهور أجسام و أشياء مختلفة فيهأ للجمهور أن تلك الأجسام تتقلص و تتمدد أيضا! فى ظاهرة معروفة بإسم "تأثير ما بعد الحركة" مثل أن تنظر إلى نهر جارى أو شلال يتدفق ثم تحول بصرك إلى الصخور الثابتة على ضفة النهر أو حافة الشلل فيهأ إليك انها تتحرك فى الإتجاه المعاكس! و هذا التأثير من أوائل الخدع البصرية المكتشفة قديما و كانت معروفة سلفا بإسم" خداع الشلال" . من الناحية العصبية تعرف هذه الظاهرة بإسم" التأقلم العصبى"، بمعنى أن الخلايا العصبية تتأقلم على حركة التقلص و الإنكماش لذلك إذا نظرت إلى جسم ثابت بعد ذلك يظل التأثير قائم و ترى التقلص و الإنكماش يحدث أمام عينيك. جرب هذا التأثيربنفسك.



الخدع السحرية التى تعتمد على الخداع البصرية كانت من أهم الفقرات الشعبية المعروفة قديما و كانت تنطوى على أهداف أخرى سوى إبهار الجمهور، حيث كانت هذه الخدع هى افضل اللحظات من أجل أن يقوم "النشالون" بأعمالهم. غالبا ما يكون بين الساحر و النشال إتفاق مسبق،فيقوم الساحر بدوره فى تضليل الجمهور على أن يقوم النشال بدوره الأخر على أكمل وجه أيضا!!


نكتفى بهذا القدر و نكمل الجزء الثانى من السحر و خداع الدماغ و نتعرف على المزيد من الخدع السحرية أكثر سحرا و إبهارا و الأساس العلمى لكل منها غداً إن شاء الله.

الجمعة، 10 ديسمبر 2010

تضحيات حيوانية من أجل العلم!


لا ننكر الدور الكبير الذى لعبته و مازالت تلعبه الحيوانات فى التجارب العلمية على مر التاريخ، و التى بفضلها حقق البشر العديد من الإنجازات فى مجالات الطب و الصحة ، و الذى نرى أثره الآن واضحا على حياتنا. فمن هنا نحيى فئران التجارب و نرفع القبعات لقرود المختبرات! و قد تكون التجارب من أجل الحيوانات انفسهم، فأصبح العلم بذلك لا يخدم البشر فحسب بل و الحيوانات ايضا. و فى أحيان أخرى يعبث هؤلاء فى طبيعة الحيوان بطرق جنونية ، مبررة من وجهة نظرهم بهدف العلم و من أجل العلم. فى السطور القادمة سوف نستعرض بعض من تلك التجارب الجنونية على الحيوانات و الحشرات.

اليعسوب المتعملق


أفادت دراسة حديثة فى جامعة ولاية أريزونا ، و التى عرضت نتائجها فى مؤتمر الجمعية الجيولوجية الأمريكية لعام 2010، بالتجربة أن وضع حشرة "اليعسوب" فى بيئة مرتفعة بها نسبة غاز الأكسجين عن المتوسط الطبيعى، يؤدى ذلك بدوره إلى زيادة واضحة فى حجم حشرة اليعسوب! لا نشير هنا إلى زيادة فى حجم طائر النسر مثلا، و لكنها زيادة بنحو 15 % من الحجم الطبيعى و هى نسبة ليست بقليلة. كانت التجربة تهدف فى الأساس معرفة تأثير الظروف البيئية فى "حقبة ما قبل التاريخ" و التى تترواح مدتها من 542 – 251 مليون سنة، على مدى "تعملق" الكائنات فى تلك الحقبة. و بذلك إرجع هذا التعملق إلى نسبة الإكسجين فى الهواء و الذى كانت نسبته بالضرورة أكبر مما عليه اليوم. إلا أن التجربة أثبتت أيضا أن هذا التعملق يختلف من فصيلة لأخرى ، فقد أجريت التجارب ذاتها على حشرة "الصرصور" إلا أنه لم يظهر أى تعملق يذكر.

روبى...الجرو المتوهج


هذا الجرو الوديع المعدل وراثيا "روبى" ، مستنسخ من خليط الحمض النووى لكلب الصيد و قنديل البحر! بإستخدام التعديل الوراثى يهدف العلماء إلى دراسة عملية إنتقال الجينات المختلفة من الاباء إلى الأبناء. إختيار الحمض النووى "دى إن إيه" لقنديل البحر لم يكن إعتباطيا، بل كان مقصوداً تماما لسهولة رؤية نتائج التجربة، فقط عن طريق تسليط ضوء أشعة فوق بنفسجية على الجسم، حتى يحدث التوهج و ترى النتيجة بالعين المجردة. يعتقد العلماء أن سلسلة تجارب التحول الجينى هذه سوف تساعد فى المستقبل القريب على فهم كيفية إنتقال الأمراض الوراثية عن طريق الجينات من أجيال إلى أجيال أخرى.

العنزة العنكبوتية


التعديل الوراثى لم يتوقف عند الجراء المتوهجة فحسب، بل توصل أيضا إلى العنزة العنكبوتية. لحسن الحظ أنها ليست عنكبوت بحجم عنزة ذو أرجل متشعبة و مخيفة. يمكننا القول أنها أقرب ما يكون إلى الماعز فيما عدا لبنها! نتجت العنزة العنكبوتية من تجارب التعديل الوراثى بخلط الحمض النووى " دى إن إيه" لعنزة مع الحمض النووى للعنكبوت ، و كانت النتيجة هو عنزة تُدر لبناً ذا خصائص غريبة للغاية، ممكن أن ينقى و يجفف و يُغزل إلى حرير يشبه حرير شباك العنكبوت المعروف عنه متانته و خفته ! فى الظروف العادية يصعب الإستفادة من حرير العنكبوت هذا لأنه كائن صغير و لا ينتج القدر الكافى منه و الذى نستطيع الإستفادة منه على نطاق إنتاجى واسع. فجاءت العنزة العنكبوتية لنتتج نحو نصف أوقية من الحرير لكل ربع مقدار من اللبن و بذلك هى قادرة على إنتاج كمية من الحرير ما يستطيع 100 عنكبوت إنتاجه مجتمعين.

أطراف إصطناعية حيوانية


تجارب الحيوانات التى تقوم أساسا على خدمة البشر مثل تخليق جرو متوهج يساعدنا فى إكتشاف الأمراض المختلفة أو تخليق عنزة عنكبوتية تنتج لنا الحرير، ليست هى الهدف الأوحد بل قد تكون التجارب من أجل مساعدة الحيوانات أنفسهم . من أشهر محاولات مساعدات الحيوانات تلك الخاصة بالأطراف الإصطناعية. بسبب الحوادث سواء التى من صنع الأنسان أو الطبيعية، قد تعرض الحيوانات إلى فقدان بعض أطرافهم، فكثيرا ما نرى مشهد الكلب المغلوب على أمره يمشى متقافزا بثلاثة أطراف فقط لا غير بعد أن فقد طرفه الرابع فى حادث مأسوى. "ستامبى" الكانجرو ، ذلك الحيوان الثديى ثنائى الأرجل، ، فقد أحد أرجله و التى تعتبر كارثة بالنسبة لحيوان يعيش حياته قافزا هنا و هناك. و لكن الحل لستامبى كان بتركيب رجل إصطناعية تضم زنبرك ليحاكى الحركة الطبيعية لرجل الكانجرو. حديثا تعرض "أوسكار" القط المنزلى إلى حادث أفقده قوائمه الخلفية. الحل البديل فى هذه الحالة هى العجلة الدوارة التى تثبت فى جسم القط من الخلف لتعويضه عن فقد قوائمه. بدلا من ذلك الحل الغير وقور، أجريت عملية جراحية لأوسكار، لزراعة قوائم صناعية له موصلة مباشرة بعظم كاحله و التى أعادت لأوسكار قدرته الطبيعية على المشى.

مغناطيس لتضليل التماسيح


لا يقوم العلم على البحث فى المعامل بإستخدام أنابيب الإختبار و أجهزة التحليل فقط، تتم أيضا خارج المعمل بإستخدام الأشرطة اللاصقة و تمساح واحد غاضب! يعانى سكان جنوب فلوريدا من مشاكل دائمة مع التماسيح. لا تستطيع حل هذه المشكلة الزاحفة بطلقة نارية إذ يصل عددها إلى أكثر من 2000 تمساح! ففكر البيولوجيون فى فلوريدا فى حل بديل يوفر طلقاتهم النارية و يبعد التماسيح عن المنطقة. تمتلك التماسيح حس فائق على تحديد الإتجاهات، و حتى إذا تم اصطيادها و إقتيادها بعيدا عن المنطقة التى كانت تسكنها، تستطيع إستخدام حساها فى تعرف الإتجاهات و تعود مرة أخرى حيث مكان سكنها الأصلى! ترجع حساسية التماسيح للإتجاهات إلى إحتواء أدمغتها على نظام مغناطيسى طبيعى لتحديد الإتجاهات، و إذا كانت المشكلة مغناطيسية فيكون الحل بالعبث فى المغناطيسات! قام البيولوجيون بتثبيت عدد من المغناطيسات على رأس التمساح بإستخدام شريط لاصق، قبل تحريكه و نقله إلى مكان بعيد. يتم إزالة المغناطيسات بعد ان إطلاق سراح التمساح فى مكان بعيد. كانت تلك المغناطيسات قادرة على التشويش على قدرة التمساح على تحديد الإتجاهات و من ثم عدم قدرته على العودة مرة أخرى.

هوائى وحيد القرن


كثيرا ما زرع الباحثين شرائح نظام تحديد المواقع"جى بى إس" ، فى أجسام الحيوانات البرية المختلفة و بخاصة الحيوانات البحرية. و ذلك لسهولة تتبعها و تحديد مسارها الدائم فى رحلات الهجرة و فى أغلب فصول السنة. و لكن يصبح الموضوع أكثر إثارة إذا ما تم زرع الشريحة فى "وجه" حيوان يبدو "كالهوائى" بالفعل! حياة حيوان وحيد القرن أصبحت على المحك فى محمية "مافكينج جيم" بجنوب أفريقيا، و قد قتل 200 منهم بالفعل هذه السنة على يد الصيادين، الذين يسعون وراء قرون حيوان وحيد القرن للإتجار فيها. يحاول حراس المحمية الحفاظ على البقايا المتبقية من قطعان حيوان وحيد القرن، و قد كان الحل فى تتبع حركة وحيد القرن بنفس الوسيلة التى يسعى"الصيادون" وراءها ..القرون! قرن حيوان "وحيد القرن" ذلك الجزء الميت من وجهه حيث أنه لا يصل إلي خلايا القرن أى أعصاب و من ثم فهو جزء شبه ميت بالفعل ، فالقيام بحفر ثقب صغير فى القرن و زرع جهاز التتبع لن يسبب ألم لوحيد القرن. و من هنا يستفيد الباحثين بالقرن لأنه يشبه الهوائى إلى حد كبير ،إذ يعزز الإشارة الصادرة عن شريحة "الجى بى إس". هنا يأتى الدور الفعال لشريحة "الجى بى إس"، فإذا سجلت الشريحة توقف حركة وحيد القرن لفترة طويلة ،أو إذا بدأ وحيد القرن بالجرى هروبا من شئ أو حتى إذا ترك وحيد القرن المحمية، فإن الشريحة تقوم بإرسال الإنذارات فيهرع حراس المحمية لتتبع موقع وحيد القرن عن طريق "الجى بى إس" المزروع و التأكد من سلامته.

نسخ الكلاب


تعتبر الكلاب البوليسية المتخصصة فى تشمم المخدرات و القنابل ذات قيمة كبيرة جدا.قام قسم الدفاع الاميريكى بدراسة مكثفة أثبتت فى النهاية أن الكلاب هى أقوى مكتشف للقنابل. لكن الكلاب المتشممة التى تكون على قدر كبير من المهارة نادرة جدا. الكلاب التى تدخل فى إختبارات تشمم المخدرات ، فقط 30% منها ينجح فى الإختبارات الصارمة لتصبح على قدر من الخبرة فى هذا المجال. إذا كان لديك كلب خبير كهذا، لماذا لا تستنسخه؟ هذا هو ما سعى وراءه مجموعة من العلماء فى كوريا الشمالية، بإستنساخ كلب من فصيلة "لبلادور الكندى" و هذا الكلب يعد من أشهر متشممى المخدرات. و نجحت تجربتهم لتنتج 7 جراء لبلادور ، يعمل منهم 6 كلاب الآن فى إكتشاف المخدرات فى كوريا الشمالية.

حليب الفئران



حليب الاطفال الصناعى يمثل بديل معقول للبن الأم إلا انه ليس بديل "كامل" ، ينقصه بعض أنواع البروتينات و سمات عضوية أخرى تتوافر فقط فى لبن الأم الطبيعى. أثبتت الدراسات أن أنواع البروتينات هذه متربطة بتعزيز الجهاز المناعى للطفل الوليد، و قد كان ذلك سبب كافى من أجل العبث هنا و هناك من أجل إيجاد البديل المتكامل حتى و إن كان من الفئران! تعمل مجموعة بحثية روسية على حقن الفئران بجينات بشرية تعمل على إنتاج بروتين" اللاكتوفيرين" فى لبن الفئران. اللاكتروفيرين هو بروتين يتواجد فى لبن الأم الطبيعى و يعزز مناعة الرضع ضد البكتريا و الفطريات، و الذى لا يتواجد بالطبع فى اللبن الإصطناعى. السؤال الذى يتبادر على أذهننا الآن:ما الهدف من إنتاج اللاكتروفيرين فى حليب الفئران؟ يمكننا القول أنها بداية الطريق من أجل إجراء التجربة على حيوانات أكبر ، تمكننا من إنتاج اللبن المحتوى على اللاكتروفيرين بكميات كبيرة مثل الأبقار و الماعز.

ماشية لا تشعر بالألم


من أكثر المشاكل التى تواجهها مصانع مزارع الماشية، هو شعور الحيوانات الأكيد بالألم قبل و أثناء عملية الذبح. و من أجل التغلب عليها هناك العديد من الحلول المقترحة على منصة الأبحاث العلمية و لكن أغربهم على الإطلاق ذلك البحث الذى نشر فى دورية “neuroethics” . يناقش البحث حلاً لمأساة الماشية عن طريق التحور الجينى من أجل القضاء على شعور الألم نهائيا لدى الماشية أو تخفيفه على أقل تقدير. هذا الأمر ممكن عمليا إذ وجدت حالات بشرية لأطفال ولدوا بعيوب جينية أدت إلى عدم شعورهم بالألم على الإطلاق! فى حالة البشر فإن الشعور بالألم هو شر لابد منه، لأن الألم فى حد ذاته مثل جهاز الإنذار الذى يعلن وجود خطر او خطأ ما لا غنى عنه فى الإنسان، لكن فى حالة الماشية فإن إبطال تفعيل هذا الجين فى حد ذاته سلوك إنسانى لتخليص الماشية من العناء أثناء عملية الذبح.

السلمون العملاق


و مازالت تجارب التحور الجينى جارية، سمكة السلمون الأطلسية المسماه "إكوي أدفنتدج"التى نتجت من دمج 3 أحماض نووية مختلفة و هى حمض سمكة السلمون الأطلسية و سمكة سلمون الشينبوك و سمكة البوت . دمج الحمض النووي للأطلسية مع الشينبوك ، أعطى السمكة الجديدة ميزة فى قدرتها على إنتاج هرمون النمو على مدار السنة، لذا هى تنمو بشكل أسرع من الطبيعى .كما نرى فى الصورة هذه للمقارنة بين سمكة "إكوى أدفنتدج" كبيرة الحجم و سمكة السلمون الأطلسية من نفس السن! لكن مازالت هناك بعض القيود للموافقة على تربية سمكة "إكوى أدفنتج" فى المزارع السمكية و ما زال مصيرها معلقاً على موافقة هيئة الأغذية و العقاقير "FDA" .

الخنفساء الآلية



حان الوقت إلى تجربة أقرب إلى الخيال العلمى منها إلى الحقيقة! الخنفساء الألية، يتم صنعها بأسهل و أرخص المكونات الإلكترونية المتاحة و يمكن التحكم فيها عن بعد! تم تخليق هذه الخنفساء الآلية فى مختبرات جامعة كاليفورنيا ،و نشرت نتائج هذا البحث الغريب فى دورية “Frontiers in Neuroscience” . تم وصل شريحة إلكترونية بمخ حشرة خنفساء حية ضخمة، و السبب الذى يرجع إليه إختيار الخنفساء أنها ضخمة و يمكنها الطيران مع وزن الشريحة الإلكترونية. بفضل الحساسات المحتواه فى الشريحة الإلكترونية تمكن الباحثون من التحكم فى حركة الخنفساء و جعلها تدور داخل الغرفة عن طريق جهاز حاسوب محمول. يمكن إعتبار فكرة هذا البحث مفيدة فى التطبيقات العسكرية حيث أنها تشبه الطائرات بدون طيار ، فهى تتخذ شكل خنفساء بريئة تطير فى الهواء و لا يمكن إلتقاطها بأجهزة الإستشعار عن بعد ، فيمكن إستخدامها فى عمليات التجسس أو حتى فى شن الهجمات على معسكرات الأعداء!

أفكار قرد



سلسلة من التجارب قادها الدكتور" أندرو شوارتز" ، قام من خلالها بإبتكار ذراع روبوتية .حتى الآن يبدو إبتكارا مقبولا إلى حد ما ، و لكن إلى هنا لم ينتهى الهدف من تجربته ، فهذه الذراع الروبوتية يتحكم فيها "قرد" عن طريق أفكاره!! تم تقييد هذا القرد تماما ، و عليه أن يتحكم فى حركة الذراع الآليه بشكل تام عن طريق أفكاره، من خلال شريحة إلكترونية مزروعة فى مخه، لكى يطعم نفسه عن طريق الذراع!! تقوم التقنية على زرع شريحتين إلكترونيتين و ليست واحدة فحسب، الأولى فى مخ القرد من أجل أخذ الأوامر من المراكز الحركية فى المخ ، و الأخرى مزروعة فى ذراع القرد من أجل تحكم أكبر فى الذراع الآلية. المذهل فى هذا الإبتكار أن الأذرع الآليه لم تعد مقتصرة على حركة الكف فى الإمساك بالأشياء فقط، بل تطور ليشمل على حركة الكتف و الكوع بالإضافة إلى الحركات المتقدمة للرسغ. هذه التقنية تعد قفزة فى علم الأطراف الصناعية، و هى تبشر بصناعة ذراع آلية تكاد تكون فى نفس كفاءة الذراع الطبيعية.

....ختاماً، أرى أنه لا مانع من إجراء التجارب على حيوانات ، لأنها ضرورة حيوية لكى نتقدم و نرتقى نحن البشر، و لكن لكل شئ حدود و لابد أن تكون تلك التجارب مقننة حتى لا نفقد أعداد كبيرة من الحيوانات تؤدى إلى خلل فى التوازن البيئى، و تنقلب الطبيعة الأم علينا ، و غضبتها غالبا تكون غير محمودة العواقب.


الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

ألبوم الحياة البرية


كما تعودنا من خلال ألبوم صورة و معلومة ، أن نجوب العالم من خلال عدسات الكاميرا، فيوما نستكشف أعماق الحياة البحرية و يوما أخر ننطلق إلى الفضاء أما اليوم فنجوب الحياة البرية من خلال 10 صور فائزة فى مسابقة أطلقها الأخوان ويليام و ماثيو بورارد- لوكاس و هما مصوران إحترافيان فى مجال الحياة البرية و كان موضوع المسابقة يدور حول الحياة البرية و أهمية إظهار سلوك برى معين من خلال الصورة.تلقى الأخوان قرابة ال5000 صورة و نرى منهم الآن ال 10 صور الفائزة.


انتهى اليوم...و غدا يوم آخر



هذه الصورة الملتقطة بحرفية بواسطة المصور "ستيفن باولز"، لطائر السنونو فاردا جناحيه منطلقا ، من خلال تلك النافذة المكسورة ألتقط له ستيفن الصورة بينما السنونو متجه إلى عشه فى نهاية اليوم.


متخفية



تلك الصورة لسمكة صغيرة شفافة ذات عينان بارزتان، ألتقطها المصور جيلبرت ولى بينما السمكة مستقرة على أحد الأفراع المرجانية و الجدير بالذكر أن شفافية هذه السمكة هى أحد أسلحتها الدفاعية للتخفى من أعدائها الطبيعين.

العنكبوت الأم

أنثى العنكبوت(الأم) تعتنى بكيس بيضها على عشها فوق ورقة الشجر الخضراء بينما ينبثق من الكيس مئات من العناكب الصفراء الوليدة. هذه الصورة ملتقطة بواسطة المصور" بابانى مورساد ماندو" من الهند.

الدولفين التجريدى


"كريستين جارم" كثيرة الترحال من أجل إلتقاط الصور الغير تقليدية ، و قد نالت صورتها الغير تقليدية تلك لهذا الدولفين جائزة فى المسابقة. مالت كريستين عند حافة القارب بزاوية كبيرة لتلتقط هذه الصورة للدلافين التى تمارس التزحلق على المياه.

إختبار اتزان


هذا النسر الشاب أبيض الذيل يكافح من اجل الحفاظ على إتزانه فى وجه العاصفة الثلجية. صورة ملتقطة بواسطة "هارى أيجينز" فى النرويج.

إنذار القرش


صورة رائعة ألتقطها "أليك كونا" لأسراب الأسماك المتخذة حيطتها و حذرها بترك مسافة كافية بعيدة عن القرش ذو الرأس الأسود فى المياه العميقة ، و أكثر ما يثير الدهشة أن المسافة الإحترازية التى أتخذتها أسراب الأسماك تقريبا تأخذ شكل القرش!

النمل فى مجد الصباح


المصورة "ريتشل هادى" أبرزت تلك النملة فى إطار نفقى صنعته بتلات زهرة "مجد الصباح"، تلك الزهرة إتخذت إسمها من طبيعتها حيث أنها تتفتح فى الصباح الباكر و تنغلق فى الأوقات الدافئة من اليوم.

المفترس الأخضر


"هارى فينكتش" المصور الهندى إلتقط تلك الصورة فى الوقت المناسب بينما يقوم "ثعبان الشجر الكرم الأخضر Ahaetulla nasuta" بإبتلاع فريسته السحلية.


النظرة

صقر "العوسق" ينظر بلا مبالاة من فوق جناحه المفرود، سامحا للمصور "ماركو بارنو" بإلتقاط هذه الصورة.

النو على ضفاف نهر مارا

حيوان النو ذلك الحيوان الأفريقى البرى الذى ينتمى إلى فصيلة الغزلان و الظباء و له رأس أشبه برأس الثور و ذيل ناعم كذيل الحصان! إلتقط "تيرى وول" الصورة لقطيع من حيوان النو و هو يثير الغبار من حوله على ضفاف نهر "مارا" خلال رحلته التقليدية لعبور نهر مارا مهاجرا من هضاب سيرينجتى إلى تانزانيا.

و إلى هنا تنتهى مجموعتنا من الصور لهذا يوم من ألبوم صورة و معلومة.

السبت، 20 نوفمبر 2010

أصوات من الفضاء

الفضاء ذلك الخواء اللانهائى الصامت...و لكن ذلك لا يعنى بالضرورة أنه لا يوجد به أصوات!! الأصوات فى الفضاء تكون على هيئة ذبذبات كهرومغناطيسية...تمكنت و كالة ناسا الفضائية من إلتقاطها و تحويلها إلى صوت نحن البشر نستطيع سماعه ...لنفهم ما يدور فى الفضاء...


تحية من المشترى

أطلقت وكالة ناسا المركبة الفضائية "فويجر1" من كوكب الأرض عام 1977 بهدف دراسة و إستكشاف كوكب المشترى وأقماره ، و كذلك كوكب زحل بحلقاته و أقماره أيضا. بينما تقترب فويجر من المشترى بسرعة كبيرة، سجلت أجهزتها إشارة عالية التذبذب معروفة بإسم" الفرقعة فوق الصوتية" . نتجت هذه الفرقعة بسبب إنطلاق سيل من الجسيمات المشحونة المحملة على الرياح الشمسية تجاه كوكب المشترى و بسرعة كبيرة جدا تفوق سرعة الصوت أى "فوق صوتية". بالطبع هذه الاشارة ليست صوتية بطبيعتها و لكنها إشارة كهرومغناطيسية مسجلة ، و قد تم تحويلها إلى إشارة صوتية، فى نهاية هذه الإشارة نسمع صوت همهمة غريبة، إطمئنوا أنها ليست كائنات فضائية! هى فقط همهمة صادرة من أحد أجهزة فويجر 1.



هجوم على كاسينى


قبل أن تتموضع مركبة الفضاء "كاسينى" فى مدارها الثابت حول كوكب زحل عام 2004 من أجل دراسته ، ذهبت فى رحلة إستثنائية عبر حلقات زحل حيث تعرضت إلى هجوم كاسر من إصطدامات الحبيبات الغبارية المتواجدة بكثرة فى حلقات زحل، حيث وصلت إلى نحو 100000 إصطدام فى أقل من 5 دقائق! قد تعتقد أن هذه الإصطدامات ليست بالقوة التى تجعلنا نبالى بها و خاصة أنها مجرد ذرات صغيرة من الغبار الوهن...و لكنها للمفاجأة بالقوة التى يمكنها أن تخترق بذلة رائد الفضاء أثناء حركتها بسرعة كبيرة و لكن لحسن الحظ أن معظم هذه الزخات قد تلقاها الهوائى الخاص بكاسينى و لم تضر أجهزة كاسينى بشئ



جاليليو فى زيارة لجانيميد


فى عام 1996 كانت المركبة الفضائية "جاليليو" فى زيارة ودية لأكبر أقمار كوكب المشترى "جانيميد" بهدف الإستكشاف بالطبع. وصلت جاليليو إلى أقرب نقطة من جانيميد و إذا بأجهزة جاليليو تسجل إشارة كهرومغناطيسية ،فسرت فيما بعد على أنها دليل وجود طبقة ماجنيتوسفير حول جانيميد، و كانت هذه هى المرة الأولى لإكتشاف وجود الماجنيتوسفير محيط بأحد الأقمار. فالمعروف أن كوكب الأرض يمتلك طبقة الماجنيتوسفير و هى أول طبقة محيطة بالكوكب و دورها يتمثل فى حماية الأرض من الجسيمات المشحونة الضارة التى تطلقها الشمس . أثناء رحلة عبور الماجنيتوسفير، سجلت أجهزة جاليليو إشارة مميزة لدفقة من الأصوات العشوائية التى تستمر لمدة من 6 إلى 10 ثوانى. و مع إقتراب جاليليو من سطح جانيميد سجلت أجهزة جاليليو إشارة منخفضة الحدة و كلما اقتربت جاليليو أكثر من سطح جانيميد تزداد حدة الإشارة المسجلة بشكل تصاعدى فتصل إلى أقصاها، ثم تعود و تنخفض مرة أخرى من أقصاها إلى أدناها بشكل تنازلى إلى نهاية الإشارة . حدة الإشارة المسموعة من حيث الإنخفاض أو الإرتفاع هو دليل على مدى كثافة الجسيمات المشحونة المحيطة بأجواء جانيميد.



أصوات من زحل


من أطراف نظام كوكب زحل، سجلت كاسينى إشارة كهرومغناطيسية ملتقطة للأضواء القطبية شمالى و جنوبى الكوكب، و التى تشبه إلى حد كبير تلك الأضواء القطبية على كوكب الأرض فى ظاهرة معروفة لدينا بإسم الشفق القطبى ، و ينتج الشفق القطبى نتيجة إصطدام الجسيمات المشحونة من الشمس بطبقة الماجنيتوسفير للأرض فتنتج هذه الأضواء الملونة العجيبة فى السماء بالتحديد سماء القطب الشمالى و الجنوبى.حينما تم تحويل إشارة زحل هذه إلى ملف صوتى، نتجت أصوات يمكن ان يقف لها شعر الرأس! و تصلح بشدة كموسيقى خلفية لأحد أفلام الرعب.



صرخة إنسيليادوس


إنسيليادوس أحد أصغر أقمار كوكب زحل ، صرخ فى كاسينى أثناء عبورها أمامه فى فبراير – مارس عام 2005 ! صرخة إنسيليادوس هذه هى عبارة عن إشارة كهرومغناطيسية سجلتها حساسات كاسينى الكهرومغناطيسية و كانت هى دليل وجود غلاف جوى محيط بإنسليادوس ،إنسيليادوس الذى أثبت بصرخته هذا أنه نشط و دافئ نسبيا بسبب غلافه الجوى الذى وفر له تلك الاجواء بعد أن كان يعتقد عنه فى سابق أنه بارد و خامد و بذلك أصبح إنسليادوس و تايتان هما القمران الوحيدان لزحل المحتويان على أغلفة جوية محيطة بهما.



أصداء تايتان



فى مداراها حول زحل ،كانت "كاسينى" تستعد لإلقاء المسبار "هيجنز" على سطح القمر تايتان أكبر أقمار زحل من أجل إستكشافه. خلال رحلة هبوط هيجنز بالمظلة على سطح تايتان كانت راداراته تعمل لتحدد إرتفاعها عن سطح ، فكانت ترسل إشارة إلى سطح تايتان ثم تعيد إستقبال الصدى المرتد عن السطح فتحسب وقت ذهاب الإشارة وعودة الصدى و بذلك يمكنها معرفة مقدارالإرتفاع عن السطح. و كلما أقتربت أكثر من السطح تزداد الأصداء كثافة و حدة ،هذه الأصداء التى تم تحويلها إلى إشارة صوتية. تسمع فى أول الإشارة صوت يشبه دقات القلب و هو لا يدل على أى شئ إطلاقا! و لكن ما يلبث أن يتحول إلى صوت يشبه إلى حد كبير صوت إقلاع الطائرة يبدأ بحدة منخفضة ثم تزداد حدةًً دليل إقتراب هيجنز من السطح و تصل إلى أقصاها فى نهاية تسجيل الأصداء.



أصوات تايتان


هذه المرة الأصوات حقيقية تماما و ليست إشارات كهرومغناطيسية محولة إلى ملفات صوتية كالتى سبقتها. بعد هبوط هيجنز على سطح تايتان،سجل الميكروفون المثبت على سطحه عدة أصوات من داخل بيئة تيتان. عندما تسمع التسجيل يهيأ لك انك ربما تسمع صوت هدير الرياح أو جريان الماء! ربما و لما لا، فتايتان معروف بإسم توأم الأرض و ذلك لأن الظروف الجوية و المعيشية على سطحه تشبه إلى حد كبير تلك التى على سطح الأرض.



صوت دوران زحل



هذه من أوائل الأصوات التى سجلتها كاسينى من زحل، و للغرابة فإن هذه الإشارة هى صوت دوران زحل! بالتأكيد هذا الدوران لا يصدر صوتا بل أنه يصدر ذبذبات كهرومغناطيسية منتظمة تم تحويلها إلى إشارة صوتية فيما بعد لكى نتمكن من سماعها. رحلة دوران كاسينى حول زحل طرحت سؤالين لا إجابة محددة لهما حتى الأن و هما: أولا كم ساعة يبلغ يوم زحل؟ وجد كاسينى أن اليوم يبلغ 10 ساعات و 45 دقيقة و 45 ثانية و هو ما يزيد بنحو 6 دقائق عما سجلته فويجر 1 و فويجر 2 عامى 1980 و 1981 ، بذلك يظل سؤال طول يوم زحل غير محدد الإجابة. أما عن السؤال الثانى فهو ما سبب الذى يجعل زحل يبث ذبذبات كهرومغناطيسية منتظمة كما لو كان ينبض؟ ايضا هذا السؤال لا أجابة له حتى الآن.



الوداع الأخير

وصلت فويجر 1 إلى أطراف المجموعة الشمسية مودعة إياها ، عابرة "الفقاعة الشمسية" العملاقة تلك المحيطة بالمجموعة الشمسية و المتكونة بفعل الرياح الشمسية .

فيديو لتوضيح مفهوم الفقاعة الشمسية:



سجلت فويجر 1 أخر تسيجلاتها بعد عبورها طرف الفقاعة فى تلك المنطقة العنيفة الغير مستقرة حيث يحدث تثبيط للرياح الشمسية و تنخفض طاقتها نتيجة إحتكاكها مع الغبار الكونى بين المجرات و المجموعات الشمسية. الإشارة التى سجلتها فويجر 1 هى الذبذبات التى تصدرها الجسيمات المشحونة المحتواه فى الرياح الشمسية نتيجة مواجهتها لمقاومة كبيرة من الغبار الكونى .



برق زحل


من الغريب تخيل حدوث ظواهر طبيعية مثل البرق على كواكب أخرى سوى كوكب الأرض ، إلا أن كاسينى سجلت الإنبعثات الكهرومغناطيسية الناتجة عن عاصفة برق ضخمة حدثت فى غلاف زحل الجوي يوم 23 و 24 يناير عام 2004 ، و يمكننا الآن الإستماع إلى صوت برق زحل بعد تحويله إلى ملف صوتى.




الصفحات